قَالَ لَهَا زَوْجُهَا إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي مِثْلِ هَذَا هِيَ طَالِقٌ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَهِيَ حَامِلٌ أَمْ لَا. ابْنُ يُونُسَ: وَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا صَارَ مِنْ حَمْلِهَا فِي حَالِ الشَّكِّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَوَجْهُ قَوْلِ الْغَيْرِ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُ إلَّا عَلَى مَنْ طَلَّقَ إلَى أَجَلٍ آتٍ لَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَوْ لَا يَكُونَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ لَا تَطْلُقُ مِنْهُ إجْمَاعًا (وَحُمِلَتْ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ وَاخْتَارَ مَعَ الْعَزْلِ) تَقَدَّمَ مَا لِابْنِ يُونُسَ.
وَاَلَّذِي لِلَّخْمِيِّ إنْ قَالَ إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ وَلَمْ يَنْزِلْ كَانَ مَحْمَلُهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ. فَإِنْ قَالَ: إنْ كُنْت حَامِلًا لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا طَلُقَتْ. وَكَذَلِكَ أَرَى فِي الَّذِي يَعْزِلُ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَنْ ذَلِكَ نَادِرٌ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَنْزَلَ وَلَمْ يَعْزِلْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ؛ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: هِيَ طَالِقٌ مَكَانَهَا لِأَنَّهُ فِي شَكٍّ مِنْ حَمْلِهَا، وَسَوَاءٌ قَالَ: إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا.
ابْنُ عَرَفَةَ: فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ (أَوْ لَمْ يُمْكِنْ إطْلَاعُنَا عَلَيْهِ كَإِنْ شَاءَ اللَّهُ) .
ابْنُ عَرَفَةَ: تَعْلِيقُهُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ كَإِطْلَاقِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: اتِّفَاقًا. وَنَصُّ الرِّوَايَةِ: مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هِيَ طَالِقٌ.
ابْنُ رُشْدٍ: لَا خِلَافَ فِي هَذَا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فِي الطَّلَاقِ الْمُجَرَّدِ وَالْعِتْقِ الْمُجَرَّدِ غَيْرُ عَامِلٍ وَلَا نَافِعٍ ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّمَا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ مَجْهُولَةٌ لَنَا لَا يُمْكِنُنَا عِلْمُهَا مَرْغُوبٌ عَنْهُ يُضَاهِي قَوْلَ الْقَدَرِيَّةِ. ابْنُ يُونُسَ: لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّا لَمَّا لَمْ نَعْلَمْ مَشِيئَةَ اللَّهِ وَلَمْ يَكُنْ لَنَا طَرِيقٌ إلَى عِلْمِهَا غَلَّبْنَا التَّحْرِيمَ كَمَا إذَا اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ الْحَظْرُ وَالْإِبَاحَةُ غَلَّبْنَا الْحَظْرَ (أَوْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ) . ابْنُ عَرَفَةَ: تَعْلِيقُهُ عَلَى مَشِيئَةِ مَلَكٍ أَوْ جِنٍّ.
قَالَ ابْنُ شَاسٍ: كَإِنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ. وَنَصُّ ابْنِ شَاسٍ: إنْ صَرَفَ الْحَالِفُ الْمَشِيئَةَ إلَى مَا لَا تُعْرَفُ مَشِيئَةٌ مِنْ الْخَلْقِ كَالْجَمَادِ أَوْ إلَى الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْجِنِّ فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ خِلَافٌ. وَمِنْ ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ أَوْ الْحَائِطُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَيْسَ لَهَا مَشِيئَةٌ فَيُطَلِّقُهَا بِهَا. وَقَالَ سَحْنُونَ: يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَذَلِكَ نَدَمٌ مِنْهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ: هُمَا رِوَايَتَانِ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ أَصَحُّ (أَوْ صَرَفَ الْمَشِيئَةَ إلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ) . ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ عَلَّقَ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ الْمَشْهُورُ لَغْوُ اسْتِثْنَائِهِ مُطْلَقًا. ابْنُ رُشْدٍ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِمَشِيئَةِ مَخْلُوقٍ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَفِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَفِي الطَّلَاقِ الْمُجَرَّدِ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ عَلَى صِفَةٍ، وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فَإِنَّمَا يَصِحُّ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَلَا يَصِحُّ فِي الطَّلَاقِ الْمُجَرَّدِ.
وَاخْتُلِفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute