فِي ذَلِكَ أَجَلًا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَضْرِبْ عَبْدِي، فَإِذَا حَلَفَ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ.
وَأَمَّا إذَا حَلَفَ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ فَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ كَالْحَالِفِ عَلَى نَفْسِهِ سَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي رَسْمِ حَلَفَ أَنَّ مَنْ قَالَ إنْ لَمْ يَحُجَّ فُلَانٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إنْ لَمْ أَحُجَّ. وَقَالَ أَيْضًا: إنَّهُ يُتَلَوَّمُ لَهُ وَيَخْتَلِفُ هَلْ يَطَأُ فِي التَّلَوُّمِ. وَقَالَ أَيْضًا: إنْ حَلَفَ عَلَى غَائِبٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَقْدُمْ فُلَانٌ أَوْ إنْ لَمْ يَحُجَّ كَانَ كَالْحَالِفِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ؟ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى حَاضِرٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَهَبْ لِي دِينَارًا أَوْ إنْ لَمْ تَقْضِ حَقِّي فَيَتَلَوَّمُ لَهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى اهـ.
اُنْظُرْ لَوْ قَالَ خَلِيلٌ كَأَنْ لَمْ يَقْدُمْ لَكَانَتْ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ خَلِيلٌ بَنَى عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ فَانْظُرْهُ (لَا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا أَوْ إنْ لَمْ أَطَأْهَا) ابْنُ رُشْدٍ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُحَبِّلْك فَإِنَّهُ يَطَأُ أَبَدًا حَتَّى يُحَبِّلَهَا لِأَنَّ بِرَّهُ فِي إحْبَالِهَا. وَكَذَا إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَطَأْك لَهُ أَنْ يَطَأَهَا لِأَنَّ بِرَّهُ فِي وَطْئِهِ، فَإِنْ وَقَفَ عَنْ وَطْئِهَا كَانَ مُولِيًا عِنْدَ مَالِكٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا إيلَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّوَابُ (وَهَلْ يُمْنَعُ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا فِي كَإِنْ لَمْ أَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ وَلَيْسَ فِي وَقْتِ سَفَرٍ تَأْوِيلَانِ) اُنْظُرْ هَذَا فَرْعٌ إنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ وَكَانَ حَلِفُهُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَوْ كَانَ خَلِيلٌ قَالَ " كَأَنْ لَمْ أَحُجَّ " عِوَضَ قَوْلِهِ " كَإِنْ لَمْ يَقْدُمْ " لَكَانَ صَحِيحًا فِي مَوْضِعِهِ وَيَتَبَزَّلُ عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامُ. وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى الْمُحْتَمَلِ غَيْرِ الْغَالِبِ إنْ كَانَ نَفْيًا مُنِعَ مِنْهَا حَتَّى يَقَعَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقِيلَ إلَّا فِي مِثْلِ " إنْ لَمْ أَحُجَّ " وَلَيْسَ فِي وَقْتِ سَفَرٍ وَلَأَخْرُجَنَّ إلَى بَلَدِ كَذَا فَكَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا فَيَتْرُكُ إلَّا أَنْ يُمْكِنَهُ. وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَ إنْ لَمْ أَحُجَّ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَمْ يُسَمِّ عَامَ حَجِّهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَحُجَّ. ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُهُ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ يُمْنَعُ الْوَطْءَ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ وَإِنْ لَمْ " يَأْتِ إبَّانَ خُرُوجِ الْحَاجِّ اهـ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِتَّ صُوَرٍ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الصُّورَتَيْنِ قَبْلَ قَوْلِهِ " كَيَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ " وَهُمَا الْحَالِفُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا. وَتَقَدَّمَ أَيْضًا حُكْمُ صُورَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ " وَهُمَا الْحَالِفُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَجِّلَ يَبْقَى صُورَتَانِ وَهُمَا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا لِأَجَلٍ. فَمَفْهُومُ قَوْلِهِ " وَلَمْ يُؤَجِّلْ " أَنَّهُ يَنْتَظِرُ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute