تَفْسِيرَانِ وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ) الْمُتَيْطِيُّ: مَنْ فُقِدَ فِي فِتَنِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ أَجَلٌ وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ مِنْ يَوْمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
وَقَالَ أَيْضًا: تَتَرَبَّصُ زَوْجَتُهُ سَنَةً ثُمَّ تَعْتَدُّ.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ وَإِنَّمَا يَتَلَوَّمُ الْإِمَامُ لِزَوْجَتِهِ بِاجْتِهَادِهِ يُقَدِّرُ انْصِرَافَ مَنْ انْصَرَفَ وَانْهِزَامَ مَنْ انْهَزَمَ. اُنْظُرْ آخِرَ مَسْأَلَةٍ مِنْ تَرْجَمَةِ الْمَفْقُودِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ (كَالْمُنْتَجِعِ لِبَلَدِ الطَّاعُونِ أَوْ فِي زَمَنِهِ) اللَّخْمِيِّ: مَنْ فُقِدَ بِبَلَدِهِ زَمَنَ الطَّاعُونِ أَوْ بِبَلَدٍ تَوَجَّهَ إلَيْهِ زَمَنَهُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَوْتِ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي نَاسٍ أَصَابَهُمْ بِطَرِيقِ حَجِّهِمْ سُعَالٌ يَمُوتُ الرَّجُلُ فِي سَفَرِهِ وَلَمْ يَأْتِ لَهُمْ خَبَرُ مَوْتٍ وَلَا حَيَاةٍ تَتَزَوَّجُ نِسَاؤُهُمْ وَيُقْسَمُ مَالُهُمْ. وَكَذَا شَأْنُ الْبَوَادِي يَنْتَجِعُونَ فِي الشَّدَائِدِ مِنْ دِيَارِهِمْ إلَى غَيْرِهَا مِنْ الْبَوَادِي ثُمَّ يُفْقَدُونَ إنَّهُمْ عَلَى الْمَوْتِ (وَفِي الْفَقْدِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ) الْمُتَيْطِيُّ: مَنْ فُقِدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي حَرْبِ الْعَدُوِّ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَسِيرِ.
وَرَوَى أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُضْرَبُ لِامْرَأَتِهِ أَجَلُ سَنَةٍ مِنْ وَقْتِ النَّظَرِ لَهَا ثُمَّ يُورَثُ عِنْدَ انْقِضَائِهَا وَتُنْكَحُ زَوْجَتُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ. وَقَضَى بِهَذَا فِيمَنْ فُقِدَ فِي غُزَاةِ الْخَنْدَقِ بِالْأَنْدَلُسِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَعْرَكَةُ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ أَوْ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى. اُنْظُرْ قَوْلَهُ " بَعْدَ الْعِدَّةِ " وَنَحْوُهُ فِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ: تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ بَعْدَ عَامٍ. وَلِابْنِ يُونُسَ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، هَلْ الْعِدَّةُ دَاخِلَةٌ فِي السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي الَّتِي يُضْرَبُ لَهَا السَّنَةُ؟ وَانْظُرْ هَلْ هَذَا بِنَاءٌ عَلَى تَمْوِينِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ أَوْ يَوْمَ الْكَائِنَةِ؟ فَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: حَمَلَهُ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَلَى أَنَّهُ قَتْلٌ، وَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ أَسْرٌ، وَعَلَى هَذَا يَنْبَنِي إرْثُ مَنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ وَبَعْدَ الْكَائِنَةِ.
وَلِابْنِ رُشْدٍ: إنْ مَاتَ الْمَفْقُودُ فِي الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ مَوْرُوثٌ وَقَفَ حَظُّ الْمَفْقُودِ سَنَةً كَامِلَةً يُبْحَثُ فِيهَا عَنْ أَمْرِهِ وَيُفْحَصُ عَنْ خَبَرِهِ. فَإِنْ انْقَضَى الْعَامُ وَلَمْ تُعْلَمْ لَهُ حَيَاةٌ وَلَا مَوْتٌ رَدَّ مَا وُقِفَ عَلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ الْمَذْكُورِ. قَالَ: وَهَذَا الَّذِي أَقُولُ بِهِ وَأَتَقَلَّدهُ انْتَهَى.
وَهَذَا فَرْعُ تَمْوِيتِهِ فَيُورَثُ حِينَئِذٍ مَالُ الْمَفْقُودِ كَمَا وُرِثَ حَظُّهُ مِنْ إرْثِهِ وَبِالْوَجْهِ الَّذِي رَفَعَ أَمْرَهُ مِنْ أَجْلِ حَظِّهِ فِي الْإِرْثِ يُرْفَعُ أَمْرُهُ عَنْ أَصْلِ مَالِهِ.
اُنْظُرْ هَلْ يَرِثُ هَذَا الْمَيِّتُ الْمَذْكُورُ الْمَفْقُودَ الْمَذْكُورَ. اُنْظُرْ فَصْلَ الْمَفْقُودِ مِنْ ابْنِ سَلْمُونَ فَقَدْ بَسَطَ الْمَسْأَلَةَ، وَانْظُرْ أَيْضًا هَذَا الْإِرْثَ هَلْ يَكُونُ كَإِرْثِ الَّذِي مُوِّتَ بِالتَّعْمِيرِ؟ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَقْسِمُ وَرَثَةُ الْمَفْقُودِ مَالَهُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَانِ مَا لَا يَحْيَا إلَى مِثْلِهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ حِينَئِذٍ لَا يَوْمَ فَقْدِهِ، أَوْ يَصِحَّ وَقْتُ مَوْتِهِ فَيَرِثُهُ وَرَثَتُهُ يَوْمَ صِحَّةِ مَوْتِهِ.
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَتَرِثُهُ حِينَئِذٍ زَوْجَتُهُ هَذِهِ الَّتِي ضُرِبَ لَهَا الْأَجَلُ وَاعْتَدَّتْ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ لَوْ أَتَى لَكَانَتْ عَلَى زَوْجِيَّتِهَا مَعَهُ.
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ مَاتَ لِلْمَفْقُودِ وَلَدٌ وَقَفَ مِيرَاثُهُ مِنْهُ فَإِنْ أَتَى أَخَذَهُ، وَإِنْ مُوِّتَ بِالتَّعْمِيرِ رُدَّ ذَلِكَ إلَى وَرَثَةِ الِابْنِ يَوْمَ مَاتَ الِابْنُ وَوَرِثَ هَذَا الْمَفْقُودُ وَرَثَتَهُ يَوْمَ جَعَلْته مَيِّتًا، وَلَا يَرِثُهُ وَلَدُهُ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَرِثُ أَحَدٌ أَحَدًا بِالشَّكِّ.
(وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ