يَطَأَهَا أَوْ بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا فَلْيَسْتَبْرِئْ الْمُبْتَاعُ بِحَيْضَةٍ، وَكَذَلِكَ إنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا لِأَنَّ وَطْأَهُ فَسْخٌ لِعِدَّتِهَا مِنْهُ، وَلَوْ بَاعَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ هَاهُنَا لَمْ تَحِلَّ إلَّا بِحَيْضَتَيْنِ عِدَّةَ فَسْخِ النِّكَاحَ، وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَاحِدَةً ثُمَّ ابْتَاعَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ بَاعَهَا وَلَمْ يَطَأْهَا فَحَيْضَتَانِ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا تُحِلُّهَا، وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ حَيْضَةٍ لَمْ تَحِلَّ إلَّا بِحَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ، وَلَوْ بَاعَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَاسْتِبْرَاؤُهَا حَيْضَةٌ كَانَ الطَّلَاقُ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا (أَوْ زُوِّجَتْ) ابْنُ شَاسٍ: السَّبَبُ الثَّانِي زَوَالُ الْمِلْكِ.
وَالْأَمَةُ الْمَوْطُوءَةُ إذَا عَتَقَتْ إمَّا بِالْعِتْقِ وَإِمَّا بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَعَلَيْهَا التَّرَبُّصُ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَنْ أَرَادَ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ فَعَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ قَبْلَ التَّزْوِيجِ، وَلَوْ اسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا حَلَّتْ مَكَانَهَا لِلزَّوْجِ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِذَلِكَ الِاسْتِبْرَاءِ مَنْ تَصِيرُ إلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ (وَقُبِلَ قَوْلُ سَيِّدِهَا) ابْنُ شَاسٍ: وَإِذَا زَوَّجَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ رَحِمِهَا وَجَازَ لِلزَّوْجِ الْإِقْدَامُ عَلَى وَطْئِهَا وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا كَمَا تُؤَمَّنُ الْحُرَّةُ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا تُصَدَّقُ أَمَةٌ فِي اسْتِبْرَائِهَا أَنَّهَا حَاضَتْ أَوْ أَسْقَطَتْ حَتَّى يَنْظُرَهَا النِّسَاءُ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ (وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مُدَّعِيهِ تَزْوِيجُهَا قَبْلَهُ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ مُدَّعِي اسْتِبْرَاءٍ وَلَمْ يَطَأْهَا جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ بَاعَ أَمَةً مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ وَلَمْ يَطَأْهَا فَلَا يَطَؤُهَا الْمُبْتَاعُ حَتَّى تَحِيضَ، وَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ كَمَا كَانَ لِبَائِعِهَا. وَأَصْلُ هَذَا أَنْ تَنْظُرَ إلَى كُلِّ جَارِيَةٍ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُزَوِّجَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا فَذَلِكَ أَيْضًا جَائِزٌ لِلْمُبْتَاعِ إذَا قَبِلَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ مِثْلُهُ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ: لِلرَّجُلِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الَّتِي لَا يَطَؤُهَا بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ. ابْنُ شَاسٍ: وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا كَمَا تُؤْمَنُ الْحُرَّةُ (وَاتَّفَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى وَاحِدٍ) التَّلْقِينُ: وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ وَطِئَ أَمَةً أَنْ يَبِيعَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى اسْتِبْرَاءٍ وَاحِدٍ جَازَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَرْقٌ بَيْنَ الرَّائِعَةِ وَغَيْرِهَا.
اُنْظُرْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ " كَالْمَوْطُوءَةِ إنْ بِيعَتْ " (كَالْمَوْطُوءَةِ بِاشْتِبَاهٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ كَمَنْ وُطِئَتْ بِاشْتِبَاهٍ. وَكَمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ وَطِئَ أُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَوَقَفَ لِيَخْتَارَ فَاخْتَارَ الثَّانِيَةَ وَحَرُمَ فَرْجُ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَ لِفَسَادِ وَطْئِهِ (أَوْ سَاءَ الظَّنُّ كَمَنْ عِنْدَهُ تَخْرُجُ أَوْ لِغَائِبٍ أَوْ مَجْبُوبٍ أَوْ مُكَاتَبَةٍ عَجَزَتْ) الْمَازِرِيُّ: الْقَوْلُ الْجَامِعُ أَنَّ كُلَّ أَمَةٍ أُمِنَ عَلَيْهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا، وَكُلُّ مَنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حَمْلُهَا أَوْ شَكَّ فَالِاسْتِبْرَاءُ لَازِمٌ، وَكُلُّ مَنْ جَوَّزَ حُصُولَهُ فَالْمَذْهَبُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَالصَّغِيرَةِ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ وَالْيَائِسَةِ، وَكَاسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ خَوْفَ أَنْ تَكُونَ زَنَتْ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ لِسُوءِ الظَّنِّ، وَكَاسْتِبْرَاءِ الْوَخْشِ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ وَطْءِ السَّادَاتِ لَهُنَّ، وَكَاسْتِبْرَاءِ مَنْ بَاعَهَا مَجْبُوبٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَالْمَشْهُورُ فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ الِاسْتِبْرَاءُ.
وَكَاسْتِبْرَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute