عَلِمَ مِنْ كَيْلِهِ وَبِالْقَدْرِ الَّذِي يَظُنُّ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْهُ جُزَافًا أَوْ كَيْلًا حَتَّى يَسْتَوِيَا جَمِيعًا فِي الْمَعْرِفَةِ بِقَدْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ كَيْلِهِ فَهُوَ عَالِمٌ بِقَدْرِهِ. انْتَهَى.
اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ حَتَّى يَسْتَوِيَا جَمِيعًا فِي الْمَعْرِفَةِ، وَهَذِهِ الْمَعْرِفَةُ إنَّمَا جَاءَتْ مِنْ خَبَرِهِ فَقَدْ يَكُونُ هَذَا الْمَعْنَى يَسُوغُ فِي بَيْعِ الِاسْتِئْمَانِ كَمَا جَازَ أَنْ يُقَلِّدَهُ فِي قَدْرِ مَا أَخْرَجَ كَذَلِكَ يُقَلِّدُهُ فِي الثَّمَنِ وَالْمَثْمُونِ لَا سِيَّمَا الْعَقَاقِيرُ الْهِنْدِيَّةُ وَأَشْبَاهُهَا مِمَّا لَا يَعْرِفُ ثَمَنَهَا وَلَا عَيْنَهَا إلَّا أَرْبَابُهَا، وَسَأَزِيدُ هَذَا بَيَانًا فِي بَيْعِ الِاسْتِئْمَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ
وَانْظُرْ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَسْأَلَةً تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، فَالْحُكْمُ فِيهَا أَنْ يَذْكُرَ مَا دَفَعَ وَأَيَّ وَقْتٍ اشْتَرَى وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ، فَرُبَّمَا يُقَيِّدُ التَّاجِرُ رَأْسَ الْمَالِ فِي الثَّوْبِ وَلَا يَسْتَحْضِرُ فِي ذِهْنِهِ عِنْدَ الْبَيْعِ إلَّا مَا قَيَّدَ، فَهَلْ يَكُونُ مِثْلَ الطَّعَامِ إذَا نَسِيَ مَا أَخْرَجَ مِنْهُ فَيَقُولُ لِلْمُشْتَرِي هَذَا هُوَ الثَّمَنُ عَلَى الْجُمْلَةِ وَلَسْت بِذَاكِرٍ لِلتَّفْصِيلِ ثُمَّ يَطْلُبُ الرِّبْحَ عَلَى ذَلِكَ؟ وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ: لَا تَجُوزُ الْمُرَابَحَةُ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا أَنْ يَسْتَوِيَ عِلْمُ الْمُشْتَرِي مَعَ عِلْمِ الْبَائِعِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا وَمَا جَرَى عِنْدَهُ مِنْ أَمْرِهَا. وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْفَصْلِ أَيْضًا مَا وَقَعَ لِمَالِكٍ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ السَّمْنِ فِي الزِّقَاقِ أَرْطَالًا مُسَمَّاةً كَذَا وَكَذَا رِطْلًا بِدِينَارٍ وَزِقَاقُهَا فِي الْوَزْنِ قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ. قَدْ يُرِيدُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَحْمِلَهَا إلَى بَلَدٍ فَيَشْتَرِيَهَا وَيَحْمِلَهَا كَمَا هِيَ قُلْت: فَالْقِلَالُ؟ قَالَ: لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي التَّقَارُبِ مِثْلَ الزِّقَاقِ مَا رَأَيْت بِهَا بَأْسًا.
وَقَالَ أَصْبَغُ: قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي قِلَالِ الْخَلِّ: أَيَجُوزُ شِرَاؤُهَا بِخَلِّهَا مُطَيَّنَةً وَلَا يُدْرَى مَا فِيهَا؟ فَقَالَ لِي: إنْ كَانَ قَدْ مَضَى عَمَلُ النَّاسِ أَفَأُحَرِّمُهُ كَأَنَّهُ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا.
قَالَ أَصْبَغُ: لَا بَأْسَ بِهِ إنْ كَانَ قَدْ عَرَفَ حَزْرَهُ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ لَمْ يَزِنْهُ وَلَمْ يَعْرِفْ جَيِّدَهُ مِنْ رَدِيئِهِ، وَفَتْحُهُ كُلُّهُ لِلْبَيْعِ فَسَادٌ. ثُمَّ رَشَّحَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا قَالَ: كَمَا جَازَ شِرَاءُ الثَّوْبِ الرَّفِيعِ الَّذِي يُفْسِدُهُ الْفَتْحُ وَالنَّشْرُ عَلَى الصِّفَةِ دُونَ أَنْ يُفْتَحَ وَيَنْشُرَهُ وَيُقَلِّبَهُ كَمَا جَازَ بَيْعُ الْأَحْمَالِ عَلَى صِفَةِ الْبَرْنَامَجِ. انْتَهَى نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ.
وَقَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ: ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ اخْتَلَفَ فِي بَيْعِ السَّاجِ عَلَى الصِّفَةِ، فَمَنَعَهُ مَرَّةً وَأَجَازَهُ أُخْرَى.
(وَرَطْلٍ مِنْ شَاةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ لَحْمِ شَاتِهِ الْحَيَّةِ رَطْلًا وَلَا رَطْلَيْنِ وَلَيْسَ كَاسْتِثْنَاءِ الْبَائِعِ ذَلِكَ مِنْهَا. ابْنُ رُشْدٍ: وَكَذَا شِرَاءُ ذَلِكَ مِنْ شَاةٍ مَذْبُوحَةٍ قَبْلَ سَلْخِهَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَحْمُ مَغِيبٍ.
(وَتُرَابِ صَائِغٍ وَرَدَّهُ مُشْتَرِيه وَلَوْ خَلَّصَهُ وَلَهُ الْأَجْرُ) مُنِعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute