الْمُبْتَاعِ عَلَى عِلْمِ الْبَائِعِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ يُوجِبُ خِيَارَهُ.
(وَإِنْ أَعْلَمُهُ أَوَّلًا فَسَدَ كَالْمُغَنِّيَةِ) تَقَدَّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي " وَانْظُرْ هَاهُنَا فُرُوعًا.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ عِنْدَنَا كَيْلًا وَإِنْ كَانَ مِعْيَارُهَا بِالشَّرْعِ الْكَيْلَ قَالَ: لِأَنَّ عُرْفَنَا فِيهِ الْوَزْنُ. وَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيِّ فِيمَا الْعُرْفُ فِيهِ الْجُزَافُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَزْنًا كَالْحَطَبِ. وَكَذَا ذَكَرَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الدُّورِ قَالَ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا عَلَى الْقَيْسِ.
(وَجُزَافِ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ أَوْ أَرْضٍ) ابْنُ رُشْدٍ: حُكْمُ الْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ حُكْمُ الْمَكِيلِ. رَوَى أَصْبَغُ وَابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُبَاعُ مَعَ الْجُزَافِ شَيْءٌ لَا كَيْلٌ وَلَا وَزْنٌ وَلَا عَرْضٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ. وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ كَانَ يُجِيزُهُ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ يُجِيزُونَ أَنْ يُضَافَ إلَى بَيْعِ الْجُزَافِ الْجَائِزِ كُلُّ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْجُزَافُ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا كَالْحُبُوبِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ الْمَكِيلِ مِنْهُ وَلَا مَعَ الْمَكِيلِ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا كَالْأَرَضِينَ وَالثِّيَابِ بِاتِّفَاقٍ اهـ. اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ بِاتِّفَاقٍ وَمَعَ إطْلَاقِ أَبِي عُمَرَ الْخِلَافَ قَالَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كُلُّ الشُّيُوخِ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ وَلَمْ يُفَصِّلُوا تَفْصِيلَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْهُمْ عِيَاضٌ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ اهـ. اُنْظُرْ مَسْأَلَةً تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى وَهِيَ أَنَّ الْمَرْءَ يَشْتَرِي مِنْ الْعَطَّارِ وَزْنًا مَعْلُومًا مِنْ شَيْءٍ وَيَفْضُلُ لَهُ دِرْهَمٌ فَيَقُولُ لَهُ أَعْطِنِي بِهِ أَبْزَارًا وَالْأَبْزَارُ بِالدِّرْهَمِ يَكُونُ جُزَافًا. فَهَذَا جَائِزٌ إذَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ. وَعِبَارَةُ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: لَا يَجُوزُ شِرَاءُ صُبْرَةٍ وَقَفِيزٍ مِنْ أُخْرَى بِدِرْهَمٍ. هَذَا إنْ اشْتَرَاهَا فَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْأُخْرَى، فَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَجَازَ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ إحْدَى الصُّبْرَتَيْنِ بِالْأُخْرَى فَيَكُونُ ابْتِيَاعُهُ إحْدَاهُمَا لِأَجْلِ أَنَّهُ يَبِيعُهُ مِنْ الْأُخْرَى. اهـ نَصُّهُ. اُنْظُرْ قَوْلَهُ " فَشَرَطَ عَلَيْهِ " يَخْرُجُ مِنْ هَذَا بَيْعُ الِاسْتِئْمَانِ. اُنْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ يُضَاهِي نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ وَهِيَ إذَا دَفَعَ مُبْتَاعُ سِلْعَةٍ بِثُلُثَيْ دِينَارٍ لِبَائِعِهَا دِينَارًا وَقَالَ لَهُ اسْتَوْفِ مِنْهُ ثُلُثَيْك وَدَعْ ثُلُثَهُ عِنْدَك انْتَفِعْ بِهِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَقْدُ الْبَيْعِ إضْمَارًا وَلَا عَادَةً
وَفِي رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute