بَيْتِ الضَّرْبِ فَيُرَاطِلُهُمْ بِهَا دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةً وَيُعْطِيهِمْ أُجْرَتَهُمْ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا وَقَدْ عُمِلَ بِهِ فِيمَا مَضَى بِدِمَشْقَ.
ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَقَالَهُ مَنْ لَقِيتُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَ سَكَّاكٌ أَوْ صَائِغٌ إلَّا فِضَّتَك وَذَهَبَك وَحْدَهُ، وَأَمَّا عَمَلُ أَهْلِ السِّكَّةِ فِي جَمْعِهِمْ ذُهُوبَ النَّاسِ فَإِذَا فَرَغَتْ أَعْطَوْا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ وَزْنِ ذَهَبِهِ وَقَدْ عَرَفُوا مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ هَذَا أَيْضًا. قَالَهُ مَنْ لَقِيته مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ.
ابْنُ يُونُسَ: الصَّوَابُ جَمْعُ الذُّهُوبِ لِأَهْلِ السِّكَّةِ لِأَجْلِ الرِّفْقِ بِالنَّاسِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: فَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ لِذَلِكَ كَمَا أَجَازَ مَالِكٌ أَنْ يُدْفَعَ إلَى السَّكَّاكِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ، وَيُعْطِيهِ السَّكَّاكُ دَنَانِيرَ مِثْلَ وَزْنِ ذَهَبِهِ لِضَرُورَةِ الصَّبْرِ، وَهَذَا أَشْنَعُ وَأَشَدُّ مِنْ جَمْعِ الذُّهُوبِ وَلَكِنْ أَجَازَهُ لِلضَّرُورَةِ.
ابْنُ الْمَوَّازِ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الزَّيْتُونِ يَأْتِي هَذَا بِإِرْدَبٍّ وَهَذَا بِأَكْثَرَ حَتَّى تَمْتَلِئَ الْإِشْقَالَةُ فَيُعْصَرَ قَالَ: إنَّمَا يُكْرَهُ هَذَا لِأَنَّ بَعْضَهُ أَكْثَرُ خَرَاجًا مِنْ بَعْضٍ، فَأَمَّا لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ مَصَالِحِهِمْ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَكَذَا فِي عَصْرِ الْجُلْجُلَانِ وَالْفُجْلِ. وَقَالَ سَحْنُونَ: لَا خَيْرَ فِيهِ.
قَالَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لِهَذَا كَانَ الْخَطِيبُ الْحَفَّارُ يَمْنَعُ خَلَطَ اللَّبَنِ وَقِسْمَةَ جُبْنِهِ. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ لُبٍّ أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُهُ وَقَدْ كُنْت أَمْنَعُهُ قَالَ: ثُمَّ أَجَزْته بَعْدَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ بِشَرْطِ أَنْ يُكَالَ كُلَّ يَوْمٍ، وَأَمَّا كَيْلُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ (وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) ابْنُ رُشْدٍ: ضَعَّفَهُ مَالِكٌ فِي دَارِ الضَّرْبِ لِمَا ذُكِرَ، وَالصَّوَابُ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ الْمُبِيحِ أَكْلَ الْمَيِّتَةِ (وَبِخِلَافِ دِرْهَمٍ بِنِصْفٍ وَفُلُوسٍ أَوْ غَيْرِهِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: أَمَّا دِرْهَمٌ بِنِصْفٍ فَمَا دُونَهُ وَفُلُوسٍ أَوْ طَعَامٍ فَجَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ. الْقَبَّابُ: الْأَصْلُ فِي الرَّدِّ عَلَى الدِّرْهَمِ الْمَنْعُ لِكَوْنِهِ بَيْعَ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ مَعَ إحْدَاهُمَا سِلْعَةً، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ بِكَرَاهَةِ الرَّدِّ عَلَى الدِّرْهَمِ عَلَى الْأَصْلِ ثُمَّ خَفَّفَهُ لِضَرُورَةِ النَّاسِ إلَيْهِ وَبِمَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمِنْ شُرُوطِهِ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ النِّصْفَ فَدُونَ. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ اشْتَرَيْتَ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فُلُوسًا وَبِنِصْفِهِ الْآخَرِ فِضَّةً أَوْ بِثُلُثَيْهِ طَعَامًا وَأَخَذْتَ بَاقِيَهُ فِضَّةً فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَخَذْت بِثُلُثِهِ طَعَامًا وَأَخَذْت بَاقِيَهُ فِضَّةً فَمَكْرُوهٌ. ابْنُ يُونُسَ: وَإِنَّمَا كَرِهَهُ مَالِكٌ إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ أَكْثَرَ وَجَوَّزَهُ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ، لِأَنَّ الطَّعَامَ إذَا كَانَ هُوَ الْأَكْثَرُ عُلِمَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي الشِّرَاءِ وَالْفِضَّةُ التَّبَعُ فَأَجَازَهُ لِلرِّفْقِ بِالنَّاسِ وَلِلضَّرُورَةِ الَّتِي تَلْحَقُهُمْ إذْ لَا يَجُوزُ كَسْرُ الدِّرْهَمِ (فِي بَيْعٍ) .
الْقَبَّابُ: مِنْ شُرُوطِ الرَّدِّ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ فِي بَيْعٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ وَلَا يَجُوزُ فِي صَدَقَةٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا قَرْضٍ. وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُرَدَّ ثُلُثُ دِرْهَمٍ عَلَى مَنْ ابْتَاعَ بِثُلُثَيْ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَنْقُدْ، فَلَمَّا طُولِبَ بِالنَّقْدِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَعْطَاهُ دِرْهَمًا صَحِيحًا وَرَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ ثُلُثَ دِرْهَمٍ فِضَّةً كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي أَصْلِ الشِّرَاءِ وَمُنِعَ إذَا أَسْلَفَهُ ثُلُثَيْ دِرْهَمٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بِدِرْهَمٍ صَحِيحٍ فَيُعْطِيَهُ فِيهِ فِضَّةً. وَمَا قُلْنَا مِنْ جَوَازِهِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ مَعْنَاهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْمَنَافِعِ، فَإِذَا طَلَبَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ بِأُجْرَتِهِ يَدْفَعُ إلَيْهِ الصَّانِعُ صَغِيرًا أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ كَبِيرًا إذَا لَمْ يَكُونَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ
(وَسُكَّا وَاتَّحَدَتْ) عِيَاضٌ: مِنْ شُرُوطِ الرَّدِّ أَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمَانِ مَعًا مَسْكُوكَيْنِ وَأَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute