بِاثْنَيْنِ مِنْ صِنْفِهِ إذَا كَايَلَهُ أَوْ رَاطَلَهُ أَوْ عَادَهُ فَلَا يَجُوزُ الْجُزَافُ فِيهِ بَيْنَهُمَا، لَا مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا كَيْلًا وَلَا وَزْنًا وَلَا عَدَدًا وَلَا جُزَافًا لِأَنَّهُ مِنْ الْمُزَابَنَةِ لِأَنَّهُ يُعْطِي أَحَدَهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي يَأْخُذُ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ تَقَارَبَ مَا بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ تُرَابًا لِأَنَّهُ مُزَابَنَةٌ. ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ " لَا يَجُوزُ الْجُزَافُ مِنْهُمَا " يُرِيدُ إلَّا فِيمَا قَلَّ مِمَّا يُوزَنُ وَلَمْ يَحْضُرْهُمَا مِيزَانٌ فَيَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ تَحَرِّيًا لِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ جُزَافًا فَلَا فَرْقَ اهـ. (وَجَازَ إنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا إلَّا أَنْ يُعْطِيَ أَحَدَهُمَا أَكْثَرَ وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: وَهَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ يَجُوزُ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ مِنْ صِنْفِهِ.
(وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ لَا فُلُوسٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا خَيْرَ فِي فُلُوسٍ مِنْ نُحَاسٍ بِنُحَاسٍ يَدًا بِيَدٍ لِأَنَّهُ مُزَابَنَةٌ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَهُمَا وَتَكُونَ الْفُلُوسُ عَدَدًا، وَلَا بَأْسَ بِتَوْرِ نُحَاسٍ بِنُحَاسٍ نَقْدًا.
ابْنُ بَشِيرٍ: قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ: الْقِيَاسُ اعْتِبَارُ صَنْعَةِ الْفُلُوسِ كَالتَّوْرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِيَسَارَةِ صَنْعَةِ الْفُلُوسِ. ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: لَا بَأْسَ بِنُحَاسٍ بِتَوْرِ نُحَاسٍ يَدًا بِيَدٍ. ابْنُ الْمَوَّازِ: عَلَى الْوَزْنِ وَإِنْ تَفَاضَلَ وَلَا يَصْلُحُ جُزَافًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْفَضْلُ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ اهـ.
ابْنُ رُشْدٍ: لَا تَدْخُلُ الْمُزَابَنَةُ فِي الصِّنْفَيْنِ إلَّا لِأَجَلٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ أَصْلَ الْمُؤَخَّرِ كَصُوفٍ فِي ثَوْبِهِ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا لِأَجَلٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا خَيْرَ فِي عُصْفُرٍ فِي ثَوْبٍ مُعَصْفَرٍ لِأَجَلٍ وَعَكْسُهُ جَائِزٌ. ابْنُ الْحَاجِّ: لَا يَجُوزُ سَلَمُ زَيْتٍ فِي صَابُونٍ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الزَّيْتِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا خَيْرَ فِي شَعِيرٍ نَقْدًا فِي قَصِيلٍ لِأَجَلٍ إلَّا لِأَجَلٍ لَا يَصِيرُ الشَّعِيرُ فِيهِ قَصِيلًا وَيَكُونُ مَضْمُونًا بِصِفَتِهِ.
وَانْظُرْ تَرْجَمَةَ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ السَّلَمِ الثَّالِثِ: يَجُوزُ بَيْعُ النَّخْلِ الَّذِي لَا ثَمَرَ فِيهَا بِالثَّمَرِ إلَى أَجَلٍ يَكُونُ النَّخْلُ تَمَرَ قَبْلَهُ، وَكَذَلِكَ الدَّجَاجَةُ غَيْرُ الْبَيَّاضَةِ بِبَيْضٍ إلَى أَجَلٍ يَكُونُ لِلدَّجَاجَةِ قَبْلَهُ بَيْضٌ، وَالشَّاةُ غَيْرُ اللَّبُونِ بِاللَّبَنِ إلَى أَجَلٍ يَكُونُ لِلشَّاةِ قَبْلَهُ لَبَنٌ لِأَنَّ هَذَا لَا يَقَعُ فِيهِ الْمُزَابَنَةُ فِي الْمَبِيعِ نَفْسِهِ كَمَا يَقَعُ فِي الْكَتَّانِ بِثَوْبِ كَتَّانِ إلَى أَجَلٍ يُعْمَلُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْكَتَّانِ ثَوْبٌ، وَفِي الشَّعِيرِ فِي الْقَصِيلِ إلَى أَجَلٍ مُمْكِنٍ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ قَصِيلٌ. ابْنُ يُونُسَ: كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ الْجِنَانَ الْمُعَجَّلَ وَالدَّجَاجَةَ وَالشَّاةَ لَيْسَ هِيَ نَفْسُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُهَا، وَالْكَتَّانُ وَالشَّعِيرُ هُوَ نَفْسُ مَا خَرَجَ مِنْهَا لِذَهَابِ عَيْنَيْهِمَا فِيهِمَا. أَلَا تَرَى لَوْ عَجَّلَ الثَّوْبَ لَجَازَ إذْ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ كَتَّانٌ وَلَيْسَ هُوَ بَعْضَ ذَلِكَ الثَّوْبِ، وَكَذَلِكَ الْقَصِيلُ الْمُعَجَّلُ لَيْسَ هُوَ نَفْسُ الشَّعِيرِ الَّذِي يُعْطِيهِ اهـ. رَاجِعْ التَّرْجَمَةَ الْمَذْكُورَةَ وَتَرْجَمَةَ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَانْظُرْ بَيْعَ وَرَقِ التُّوتِ بِحَدِيدٍ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ، وَانْظُرْ بَيْعَ الْكَبْشِ لَا صُوفَ عَلَيْهِ بِصُوفٍ لِأَجَلٍ هَلْ يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute