بَيْعُ وَلَدِهَا إذْ هِيَ فِي مِلْكِهِ بَعْدُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ كِتَابَتَهَا مَعَ رَقَبَةِ الِابْنِ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا (وَلِمُعَاهَدٍ التَّفْرِقَةُ وَكُرِهَ الِاشْتِرَاءُ مِنْهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا نَزَلَ الرُّومُ بِبَلَدِنَا تُجَّارًا فَفَرَّقُوا بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا لَمْ أَمْنَعْهُمْ، وَكَرِهْت لِلْمُسْلِمِينَ شِرَاءَهُمْ مُتَفَرِّقِينَ. وَإِنْ ابْتَاعَ مُسْلِمٌ أُمًّا وَابْنَهَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا إنْ بَاعَ، وَكَذَلِكَ إنْ ابْتَاعَ أَمَةً قَدْ كَانَ وَلَدُهَا فِي مِلْكِهِ أَوْ كَانَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ.
(وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أَعْرِفُ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ إلَّا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْحَقِّ. ابْنُ رُشْدٍ: رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ الْوَارِثِ بْنَ سَعِيدٍ قَالَ: قَدِمْت مَكَّةَ فَوَجَدْت فِيهَا أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى وَابْنَ شُبْرُمَةَ فَقُلْت لِأَبِي حَنِيفَةَ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ بَاعَ بَيْعًا وَاشْتَرَطَ شَيْئًا؟ فَقَالَ الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. ثُمَّ أَتَيْت ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَسَأَلْته فَقَالَ: الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. ثُمَّ أَتَيْت ابْنَ شُبْرُمَةُ فَسَأَلْته فَقَالَ: الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ. فَقُلْت: سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْعِرَاقِ اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ. فَأَتَيْت أَبَا حَنِيفَةَ فَأَخْبَرْته فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَالَا «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» . ثُمَّ أَتَيْت ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَأَخْبَرْته فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَالَا «قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ وَأُعْتِقَهَا وَإِنْ اشْتَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. ثُمَّ أَتَيْت ابْنَ شُبْرُمَةَ فَأَخْبَرْته فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَالَا «قَالَ جَابِرٌ: بَعَثَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاقَةً فَشَرَطَ لِي حِلَابَهَا وَظَهْرَهَا إلَى الْمَدِينَةِ» الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ. فَعَرَفَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا فَاسْتَعْمَلَهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَتَأَوَّلَهَا عَلَى وُجُوهِهَا وَلَمْ يُمْعِنْ غَيْرُهُ النَّظَرَ وَلَا أَحْسَنَ تَأْوِيلَ الْأَثَرِ (يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ كَأَنْ لَا يَبِيعَ) ابْنُ شَاسٍ: مَحْمَلُ النَّهْيِ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ مَقْصُودَ الْعَقْدِ كَأَنْ لَا يَبِيعَ أَوْ يَعُودَ بِغَرَرٍ فِي الثَّمَنِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: بُيُوعُ الشُّرُوعِ الَّتِي يُسَمِّيهَا أَهْلُ الْعُلُومِ بُيُوعَ الثُّنْيَا مِثْلَ أَنْ يَبِيعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute