الْمُدَوَّنَةِ: رَهْنُ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا فَوْتٌ وَكَذَا إجَارَتُهُ هِيَ أَيْضًا فَوْتٌ (وَأَرْضٍ بِبِئْرٍ وَعَيْنٍ وَغَرْسٍ وَبِنَاءٍ) اللَّخْمِيِّ: أَمَّا الدُّورُ وَالْأَرَضُونَ فَيُفِيتُهَا الْهَدْمُ وَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَشَقُّ الْعُيُونِ وَحَفْرُ الْآبَارِ وَخُرُوجُهَا عَنْ الْيَدِ وَالتَّحْبِيسُ اهـ.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيِّ هُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَمْ يَنْقُلْ ابْنُ بَشِيرٍ وَلَا ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ غَيْرَهُ. فَمَا نَقَلَ خَلِيلٌ بَعْدَ هَذَا فَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهَا وَكَالتَّفْرِيعِ وَغَيْرِهِ فَيَسْتَفِيدُ الْإِنْسَانُ مَزِيدَ عِلْمٍ وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ لَفْظُ خَلِيلٍ فَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: الِاسْتِشْكَالُ عِلْمٌ، وَلْنَنْقُلْ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا خَلِيلٌ بِلَفْظِهَا وَبَعْدَ ذَلِكَ أَنْقُلُ لَفْظَ خَلِيلٍ.
قَالَ أَصْبَغُ: مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا بَيْعًا فَاسِدًا فَغَرَسَ حَوْلَهَا شَجَرًا أَحَاطَتْ بِهَا وَعَظُمَتْ فِيهَا لِمُؤْنَةٍ وَأَكْثَرُهَا بَيَاضٌ، لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ شَيْءٌ مَا فَهُوَ فَوْتٌ وَيَجِبُ فِيهَا الْقِيمَةُ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا غَرَسَ نَاحِيَةً مِنْهَا وَبَقِيَ جُلُّهَا رَدَّ مِنْهَا مَا بَقِيَ وَعَلَيْهِ فِيمَا غَرَسَ الْقِيمَةُ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا غَرَسَ يَسِيرًا لَا بَالَ لَهُ بِرَدِّ جَمِيعِهَا وَكَانَ لِلْغَارِسِ عَلَى الْبَائِعِ قِيمَةُ غَرْسِهِ.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ وَتَفْصِيلُهُ فِيهَا صَوَابٌ لِأَنَّ الْغَرْسَ إذَا أَحَاطَ بِالْأَرْضِ وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ فِيهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فَوْتًا لِجَمِيعِهَا وَإِنْ كَانَ جُلُّهَا بَيَاضًا، وَإِذَا كَانَ الْغَرْسُ بِنَاحِيَةٍ مِنْهَا وَجُلُّهَا لَا غَرْسَ فِيهِ وَجَبَ أَنْ يَفُوتَ مِنْهَا مَا غُرِسَ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي سَائِرِهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَائِعِ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَغْرُوسُ مِنْ الْأَرْضِ يَسِيرًا مِمَّا لَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ.
وَوَجْهُ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي فَوَّتَهَا بِالْغَرْسِ مَا هِيَ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَتْ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبُعَ فُسِخَ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ، فَسَقَطَ عَنْ الْمُبْتَاعِ إنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ وَرَدَّ إلَيْهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ وَفُسِخَ الْبَيْعُ فِي النَّاحِيَةِ الْفَائِتَةِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، فَمَنْ كَانَ مِنْهَا لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَضْلٌ فِي ذَلِكَ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ إذْ قَدْ تَكُونُ قِيمَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute