للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إظْهَارَ فِعْلِ مَا يَجُوزُ لِيُتَوَصَّلَا بِهِ إلَى مَا لَا يَجُوزُ وَتَدَرَّعَا بِشَيْءٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ إلَى بَاطِنٍ مَمْنُوعٍ فِي الشَّرِيعَةِ حَسْمًا لِلذَّرِيعَةِ (وَمُنِعَ لِلتُّهْمَةِ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ) أَبُو عُمَرَ: أَبَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَفْسَخُوا صَفْقَةً ظَاهِرُهَا حَلَالٌ بِظَنٍّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَقَالُوا: الْأَحْكَامُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْحَقَائِقِ لَا عَلَى الظُّنُونِ انْتَهَى. اُنْظُرْ أَغْرَبَ مِنْ هَذَا فِي مِنْهَاجِ الْمُحَدِّثِينَ لِلنَّوَوِيِّ قَالَ: يُسْتَدَلُّ بِقَوْلِهِ " قَدْرَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا " أَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُ اللَّحْمِ وَنَحْوِهِ كَالْعَنَتِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. فَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا فَطَرِيقُهُمَا أَنْ يَجْعَلَا اللَّحْمَ قِسْمَيْنِ ثُمَّ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا ثُمَّ يَبِيعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْ الْقِسْمِ الْآخَرِ لِصَاحِبِهِ بِذَلِكَ الدِّرْهَمِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَيَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِسْمٌ بِكَمَالِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَبَاحَ الذَّرَائِعَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَا يَقُولُ بِسَدِّ الذَّرَائِعِ وَلَا سِيَّمَا فِي الْبَيْعِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَنْعَ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إنَّمَا نَشَأَ عَنْ اشْتِرَاطِ السَّلَفِ نَصًّا وَبِيَاعَاتِ الْأَجَلِ لَا نَصَّ فِيهَا بِاشْتِرَاطِ أَنَّ الْبَائِعَ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ الَّتِي بَاعَ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ يُتَّهَمَانِ عَلَيْهِ وَيُسْتَنَدُ فِي تِلْكَ التُّهْمَةِ إلَى الْعَادَةِ

ثُمَّ قَالَ وَهْبٌ: إنَّ تِلْكَ الْعِدَّةَ وُجِدَتْ فِي قَوْمٍ فِي الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِالْحِجَازِ فَلِمَ قُلْتُمْ إنَّهَا وُجِدَتْ بِالْعِرَاقِ وَالْمَغْرِبِ فِي الْمِائَةِ السَّابِعَةِ؟ ثُمَّ قَالَ: وَأَنَا أَتَوَقَّفُ فِي الْفُتْيَا فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْأَبْوَابِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَى الْعَادَةِ بِمَا فِي الْكُتُبِ، لِأَنَّ الَّذِي فِي الْكُتُبِ مِنْ الْمَسَائِلِ لَهَا مِئُونَ مِنْ السِّنِينَ، وَتِلْكَ الْعَوَائِدُ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي تِلْكَ الْأَحْكَامِ لَا يُعْلَمُ حُصُولُهَا الْآنَ، وَالشَّكُّ فِي الشَّرْطِ شَكٌّ فِي الْمَشْرُوطِ.

وَمِنْ الذَّخِيرَةِ: قَاعِدَةٌ: كُلُّ حُكْمٍ مُرَتَّبٍ عَلَى عُرْفٍ أَوْ عَادَةٍ يَبْطُلُ عِنْدَ زَوَالِ تِلْكَ الْعَادَةِ، فَإِذَا تَغَيَّرَ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ.

وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَجْهُ فَسْخِ بُيُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>