شَاهِدٌ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ وَكَانَ عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ. وَانْظُرْ السَّمَاعَ الْمَذْكُورَ أَنَّ بَيْنَ دَعْوَاهَا ذَلِكَ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْ بَعْدَهَا فَرْقٌ، وَبَيْنَ أَنْ يُخَيِّرَهُ بِذَلِكَ مُخَيِّرٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَرْقٌ. وَانْظُرْ أَيْضًا إذَا سَرَقَ الْعَبْدُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْ أَقَرَّ بِهَا بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ فَرْقٌ، وَبَيْنَ نِصَابِ السَّرِقَةِ وَغَيْرِهِ فَرْقٌ.
(وَتَصْرِيَةُ الْحَيَوَانِ كَالشَّرْطِ كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ) ابْنُ شَاسٍ: مِنْ أَسْبَابِ الْخِيَارِ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا يَظُنُّ بِهِ الْمُشْتَرِي كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ كَذَلِكَ. وَالْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِ هَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ» الْحَدِيثَ.
قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ كَالشَّرْطِيِّ وَهُوَ فِعْلٌ يُظَنُّ بِهِ كَمَالٌ كَتَلْطِيخِ الثَّوْبِ بِالْمِدَادِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا إنْ ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ فَعَلَهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ لِاحْتِمَالِ فِعْلِهِ لِلْعَبْدِ دُونَ عِلْمِ سَيِّدِهِ لِكَرَاهَةِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ. وَتَصْوِيرُ الْمَازِرِيِّ أَبْيَنُ قَالَ: كَمَا لَوْ بَاعَ غُلَامًا فِي ثَوْبِهِ أَثَرُ الْمِدَادِ وَبِيَدِهِ الدَّوَاةُ وَالْقَلَمُ فَإِذَا بِهِ أُمِّيٌّ. وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ابْتَاعَ ثِيَابًا فَرَقَّمَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِمَّا ابْتَاعَهَا بِهِ وَبَاعَهَا بِرَقْمِهَا وَلَمْ يَقُلْ قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا، شَدَّدَ مَالِكٌ كَرَاهَةَ فِعْلِهِ وَاتَّقَى فِيهِ وَجْهَ الْخِلَابَةِ. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: إنْ وَقَعَ خُيِّرَ فِيهِ مُبْتَاعُهُ، وَإِنْ فَاتَ رُدَّ لِقِيمَتِهِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ (فَيَرُدُّهُ بِصَاعٍ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) قَالَ مَالِكٌ: حَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ مُتَّبَعٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ رَأْيٌ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا نَأْخُذُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَهُوَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ. وَنَحْوُهُ لِمَالِكٍ فِي الْمُخْتَصَرِ وَقَالَ: لَهُ اللَّبَنُ بِمَا يَخْلُفُ. ابْنُ يُونُسَ: وَحَدِيثُ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ عَامٌّ وَحَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ مُخَصِّصٌ لِبَعْضِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ حَدِيثُ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» ، وَالْخُصُوصُ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْعَامِّ كَمَا أَنَّ الْمُفَسَّرَ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْمُجْمَلِ، وَالتَّصْرِيَةُ حَبْسُ اللَّبَنِ فِي الضُّرُوعِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: الْمُصَرَّاةُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْعَامِ سَوَاءٌ وَهِيَ الَّتِي يَدَعُونَ حَلْبَهَا لِيَعْظُمَ ضَرْعُهَا وَيَحْسُنَ حِلَابُهَا ثُمَّ تُبَاعُ، فَإِذَا حَلَبَهَا الْمُشْتَرِي مَرَّةً لَمْ يَتَبَيَّنْ ذَلِكَ، فَإِذَا حَلَبَ ثَانِيَةً عَلِمَ بِذَلِكَ نَقْصَ حِلَابَهَا، فَإِمَّا رَضِيَهَا وَإِمَّا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِبَلَدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute