مِنْ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فَظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ عَلَى بَائِعِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ فَلْيَنْتَظِرْ لَعَلَّ لَهُ حُجَّةً، وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْتَاعَ بَيْعَ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ يُرِيدُ وَأَنَّهُ نَقَدَ الثَّمَنَ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا. اُنْظُرْ فِي الْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ قَدِيمًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ رَدَّ الْبَيْعَ عَلَى الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ، وَإِنْ كَانَ يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَعَلَى الْمُبْتَاعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَإِلَّا حَلَفَ الشَّرِيكُ بِاَللَّهِ مَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَهُ وَبُرِّئَ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ كَانَ ظَاهِرًا أَوْ خَفِيًّا لِأَنَّ غَيْرَهُ تَوَلَّى الْبَيْعَ كَالْوَارِثِ، وَلَوْ حَضَرَ الْبَائِعُ مِنْهُ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَفِيمَا يَخْفَى عَلَى الْعِلْمِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: " بِلَا يَمِينٍ ". قَالَ ابْنُ يُونُسَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَوْلَ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَطَعَنَ فِيهَا بِعَيْبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ بِهَا عَيْبًا إلَّا بِقَوْلِهِ فَقَالَ لِلْبَائِعِ احْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا يَوْمَ بِعْتَهَا مِنِّي عَيْبٌ، فَلَا يَجِبُ بِذَلِكَ يَمِينٌ عَلَى الْبَائِعِ لَا عَلَى الْبَتِّ وَلَا عَلَى الْعِلْمِ (أَوْ قِدَمِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى مِثْلُهُ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ مَا بَاعَهُ وَهُوَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَخْفَى مِثْلُهُ وَيَرَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْعِلْمِ وَعَلَى الْمُبْتَاعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ قَدِيمًا عِنْدَ الْبَائِعِ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ قَامَ بِعَيْبٍ ظَاهِرٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَجَبَ بِهِ الرَّدُّ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ أَصْلًا وَلَا مَقَالَ لِلْبَائِعِ، لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ ثَبَتَ صِدْقُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا أَوْ خَفِيًّا.
الْبَاجِيُّ: إنْ شَهِدُوا أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ مِمَّا حَدَثَ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ وَتَيَقَّنُوا ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُبْتَاعِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ شَكُّوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَحْلِفُ الْبَائِعُ فِي الْعَيْبِ الظَّاهِرِ عَلَى الْبَتِّ وَفِي الْخَفِيِّ عَلَى الْعِلْمِ (وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ) اُنْظُرْ ثَالِثَ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْعُيُوبِ (وَقُبِلَ لِلتَّعَذُّرِ غَيْرُ عُدُولٍ أَوْ مُشْرِكَيْنِ) الْبَاجِيُّ: إنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ: لَا يَثْبُتُ إلَّا بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ أَوْ عُيُوبِهَا، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ كَالْأَمْرَاضِ الَّتِي لَا يَعْرِفُ أَسْرَارَهَا إلَّا الْأَطِبَّاءُ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا قَوْلُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ فَهُوَ أَتَمُّ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمْ أَهْلُ عَدْلٍ قُبِلَ فِيهِمْ قَوْلُ غَيْرِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ لِأَنَّ طَرِيقَ ذَلِكَ الْخَبَرُ مِمَّا يَنْفَرِدُونَ بِعِلْمِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَالْعُيُوبِ فِي جَسَدِ الْمَرْأَةِ فَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ مَا تَحْتَ الثِّيَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute