ابْنُ رُشْدٍ: حُمِلَ هَذَا عَلَى عَادَةِ النَّاسِ لَوْ كَانَ زَيْتًا لَكَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي. وَقَالَ أَصْبَغُ: ضَمَانُ الْمَاءِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْقِيَاسُ.
(وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِالتَّخْلِيَةِ وَغَيْرِهِ بِالْعُرْفِ) اُنْظُرْ هَذَا وَهُمْ قَدْ نَصُّوا أَنَّ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي شِرَاءِ الدَّارِ الْغَائِبَةِ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ وَإِنْ بَعُدَتْ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الَّذِي يَبِيعُ الدَّارَ وَيَسْتَثْنِي سُكْنَاهَا سَنَةً فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ السَّنَةُ أَنَّهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ، وَكَذَا إذَا نَفَقَتْ الدَّابَّةُ بِيَدِ الْبَائِعِ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي اسْتَثْنَى رُكُوبَهَا أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: حُكْمُ الْقَبْضِ انْتِقَالُ الضَّمَانِ إلَى الْمُشْتَرِي وَصُورَتُهُ تُحَكَّمُ فِيهِ الْعَادَةُ، فَأَمَّا فِي الْعَقَارِ فَتَكْفِي التَّخْلِيَةُ، وَكَذَلِكَ فِيمَا بِيعَ عَلَى الْجُزَافِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَعَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ فِيهِ انْتَهَى. اُنْظُرْ هَلْ لِهَذَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ مَظْهَرٌ فِي الْخَارِجِ، أَوْ هُوَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ فِي الْإِنْزَالِ؟ قَالَ: مَضَى بِالْإِنْزَالِ عَمَلُ الْأَنْدَلُسِ وَلَا مَعْنَى لَهُ إذْ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ ضَمَانٌ وَلَا غَيْرُهُ انْتَهَى.
وَكَذَا الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْعَقَارِ لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ أَنْ يُخَلِّيَ الْبَائِعُ مَتَاعَهُ مِنْهَا لَكَانَ ضَمَانُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي. وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ بَاعَ عَلَيْهِ ثَوْبًا بِدِينَارٍ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِيَّ أَبْلُغُ الْبَيْتَ بِهِ آخُذُ عَلَى نَفْسِي ثَوْبًا ثُمَّ آتِيك بِذَلِكَ فَاخْتُلِسَ مِنْهُ الثَّوْبَ فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ سُؤَالَ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَذْهَبَ بِالثَّوْبِ إلَى بَيْتِهِ اسْتِعَارَةٌ مِنْهُ لَهُ، وَمَنْ اسْتَعَارَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهِ، فَالْمُصِيبَةُ مِنْ الْمُعِيرِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ اعْتِرَاضُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْعَيْبِ أَنْ يَقُولَ فِيهِ وَأَقْبَضْته وَمَا بِهِ عَيْبٌ وَقَالَ: إنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ فِي أَنَّ الضَّمَانَ بِالْعَقْدِ لَا بِالْقَبْضِ إلَّا فِيمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةِ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute