للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْحِ أَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ كُلَّ عُضْوٍ يَطْهُرُ بِانْفِرَادِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ» (وَلَا مُحْرِمٌ لَمْ يَضْطَرَّ وَفِي غَصْبٍ تَرَدُّدٌ) تَقَدَّمَ الْفَرْعَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَعِصْيَانٌ بِلُبْسِهِ " وَقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ " لَا نَصَّ فِي الْخُفِّ الْمَغْصُوبِ " قَالَ: وَقِيَاسُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ يُرَدُّ بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ آكِدٌ وَقِيَاسُهُ عَلَى مَغْصُوبِ الْمَاءِ يُتَوَضَّأُ بِهِ، وَالثَّوْبُ يُسْتَتَرُ بِهِ، وَالْمُدْيَةُ يُذْبَحُ بِهَا، وَالْكَلْبُ يُصَادُ بِهِ، وَالصَّلَاةُ بِالدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ يُرَدُّ بِأَنَّهَا عَزَائِمُ.

(وَلَا لَابِسٍ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ أَوْ لِيَنَامَ وَفِيهَا يُكْرَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْمَرْأَةِ تُخَضِّبُ رِجْلَيْهَا بِالْحِنَّاءِ وَهِيَ عَلَى وُضُوءٍ فَتَلْبَسُ خُفَّيْهَا لِتَمْسَحَ عَلَيْهِمَا إذَا أَحْدَثَتْ أَوْ نَامَتْ أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهَا، قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ كَانَ رَجُلٌ عَلَى وُضُوءٍ فَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يَبُولَ فَقَالَ: أَلْبِسُ خُفِّي كُلَّمَا أَحْدَثْتُ مَسَحْتُ عَلَيْهِمَا قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ هَذَا فِي النَّوْمِ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ وَالْبَوْلُ عِنْدِي مِثْلُهُ. وَاخْتَارَ التُّونِسِيُّ الْجَوَازَ وَعَنْ أَصْبَغَ غَيْرُهُ.

وَقَالَ التُّونِسِيُّ: وَمَا الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ الْمَسْحِ وَالْحَاضِرُ إنَّمَا يَلْبَسُ خُفَّيْهِ فِي الْحَضَرِ لِمَكَانِ الْمَشَقَّةِ فِي غَسْلِهِمَا فَأُجِيزَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ فَعَمَلُهَا الْحِنَّاءَ فِي رِجْلَيْهَا مِنْ هَذَا الْمَعْنَى: وَأَجَازَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَنْ يَلْبَسَ الرَّجُلُ خُفَّيْهِ لِيَمْسَحَ عَلَيْهِمَا وَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ. أَصْبَغُ فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ قَالَ: وَإِنْ مَسَحَ عَلَيْهِمَا أَجْزَأَهُ. بَهْرَامَ: نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ الْكَرَاهَةُ، وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ انْتَهَى.

وَانْظُرْ قَدْ يَتَرَجَّحُ بِهَذَا أَنَّ مَنْ عَادَتُهُ الْقِيَامُ بِاللَّيْلِ وَصَلَاةُ الضُّحَى وَهُوَ يَتَوَرَّعُ عَنْ الْمَسْحِ لِلْفَرِيضَةِ فَقَدْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْسَحَ لِلضُّحَى وَقِيَامِ اللَّيْلِ فَذَلِكَ أَفْضَلُ، وَلَمْ أَزَلِ أُرَشِّحُ هَذَا الْمَعْنَى فِي تَسْخِينِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ كَمَا حَكَاهُ تَاجُ الدِّينِ فِي تَنْوِيرِهِ قَالَ: إنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ لِي شَيْخِي: يَا بُنَيَّ بَرِّدْ الْمَاءَ فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا شَرِبَ الْمَاءَ السُّخْنَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ بِكَزَازَةٍ، وَإِذَا شَرِبَ الْمَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>