فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا. فَإِنْ قَضَى الْوَصِيُّ أَوْ الْوَرَثَةُ بَعْضَ الْغُرَمَاءِ يَعْنِي جَمِيعَ مَا خَلَفَهُ الْمَيِّتُ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عَلِمُوا بِبَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَى وَارِثٍ وَلَا عَلَى وَصِيٍّ وَيَرْجِعُ الْغُرَمَاءُ الْقَادِمُونَ عَلَى الَّذِينَ اقْتَضَوْا بِمَا كَانَ يَنُوبُهُمْ فِي الْمُحَاصَّةِ مِنْ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ قَدْ عَلِمَ بِالدَّيْنِ أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ رَجَعَ الْغُرَمَاءُ الْقَادِمُونَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَوْ الْوَصِيِّ بِحِصَصِهِمْ وَيَرْجِعُ الْوَرَثَةُ أَوْ الْوَصِيُّ بِذَلِكَ عَلَى الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ اقْتَضَوْا أَوَّلًا.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي بَابٍ آخَرَ: إنَّ لِلْغُرَمَاءِ الْقَادِمِينَ إنْ وَجَدُوا الْغُرَمَاءَ مُعْدِمِينَ رَجَعُوا عَلَى الْوَرَثَةِ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْوَرَثَةِ وَالْوَصِيِّ، وَبَيْنَ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْغُرَمَاءِ الْأَوَّلِينَ. وَقِيلَ: إنَّهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ انْتَهَى. فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْفِقْهُ الَّذِي اخْتَصَرَ خَلِيلٌ، فَقَوْلُهُ " وَأَخَذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ " مُقْحَمٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ إذْ لَيْسَ مِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ فَرْعُ طُرُوُّ غَرِيمٍ عَلَى وَارِثٍ أَوْ مُوصًى لَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدِمِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ وَمَا لَمْ يَزِدْ عَلَى حَقِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا الْفَرْعِ. اُنْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَظَهَرَ دَيْنٌ " مَا الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَلِيءِ وَالْمُعْدِمِ أَدْرَكَنِي وَهْمٌ فَقُلْت مَا قُلْت إذْ بَيَّنَ قَوْلُهُ " وَأَخَذَ مَلِيءٌ " أَنَّهُ يَعْنِي فِي رُجُوعِ الْغَرِيمِ عَلَى الْوَرَثَةِ.
(فَإِنْ تَلِفَ نَصِيبُ غَائِبٍ عُزِلَ فَمِنْهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ لِمَنْ غَابَ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ حِصَّتَهُ، ثُمَّ إنْ هَلَكَ مَا عُزِلَ كَانَ مِمَّنْ عُزِلَ لَهُ. وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهُ مِنْ الْغَرِيمِ (كَعَيْنٍ وُقِفَ لِغُرَمَائِهِ لَا عَرْضٍ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِكَدَيْنِهِ؟ تَأْوِيلَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ. وَعِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ: إذَا أَوْقَفَ الْإِمَامُ مَالَ مُفْلِسٍ لِيَقْضِيَهُ غُرَمَاءَهُ فَهَلَكَ فِي الْإِيقَافِ، فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعُرُوضَ وَشِبْهَهَا مِنْ الْمُفْلِسِ وَالْعَيْنَ مِنْ الْغُرَمَاءِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعَرْضَ لَمَّا كَانَ لِلْمُفْلِسِ نَمَاؤُهُ كَانَ عَلَيْهِ تَوَاهُ، وَأَنَّ الْعَيْنَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَمَاءٌ كَانَ مِنْ الْغُرَمَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute