وَقَدْ أَسْلَمَ إلَيْهِ رَجُلٌ مَالًا فِي طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَعَرَّفَ الثَّمَنَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ لَمْ تُفَارِقْهُ مُنْذُ قَبَضَهُ فَدَافِعُهُ أَحَقُّ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَهُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي سِلْعَةٍ فَفَلَّسَ الْعَبْدُ فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ إذَا عَرَّفَ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لَمْ تُفَارِقْهُ أَنَّ الدَّنَانِيرَ هِيَ بِعَيْنِهَا. وَأَجَازَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ الشَّهَادَةَ عَلَى دَنَانِيرَ بِأَعْيَانِهَا أَنَّهَا كَانَتْ غُصِبَتْ لِفُلَانٍ.
ابْنُ يُونُسَ: فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الدَّنَانِيرِ الْمَغْصُوبَةِ وَبَيْنَ الدَّنَانِيرِ الَّتِي أَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ أَوْ أَقَالَ مِنْهُ فَقَالَ فِي هَذِهِ: لَا يَجُوزُ إنْ فَارَقَتْهُ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ شَهِدَتْ عَلَى أَعْيَانِ الدَّنَانِيرِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبَةِ لِأَنَّ هَذِهِ خَرَجَتْ مِنْ يَدِ رَبِّهَا بِالطَّوْعِ وَالْمَغْصُوبَةَ بِالْجَبْرِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ عِنْدِي اهـ. اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ إنْ اُسْتُحِقَّ الْمِثْلِيُّ شَفَعَ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ، وَإِنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِهَا شِقْصًا شَفَعَ بِمِثْلِهَا لِأَنَّهَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ غَرِمَ مِثْلَهَا.
(أَوْ آبِقًا وَلَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ بَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ فَلَّسَ فَطَلَبَ الْبَائِعُ الْمُحَاصَّةَ بِثَمَنِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ وَجَدَ الْعَبْدَ أَخَذَهُ وَرَدَّ مَا حَاصَّ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، إمَّا أَنْ يَرْضَى بِطَلَبِ الْعَبْدِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَيُحَاصَّ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يَدْفَعُوا الثَّمَنَ إلَيْهِ وَيَطْلُبُوا الْآبِقَ.
قَالَ أَشْهَبُ: وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا مِنْ شِرَاءِ الْآبِقِ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا رَدُّوا عَنْ الْمُفْلِسِ ثَمَنَهُ وَالْعَبْدُ لِلْمُفْلِسِ نَمَا أَوْ نَقَصَ.
(إنْ لَمْ يَفْدِهِ غُرَمَاؤُهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ بَاعَ سِلْعَةً فَمَاتَ الْمُبْتَاعُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ بِيَدِهِ فَالْبَائِعُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي ثَمَنِهَا، وَإِنْ فَلَّسَ الْمُبْتَاعُ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِيَدِهِ كَانَ الْبَائِعُ أَحَقَّ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ غَيْرُهَا إلَّا أَنْ يَرْضَى الْغُرَمَاءُ بِدَفْعِ ثَمَنِهَا إلَيْهِ فَذَلِكَ لَهُمْ.
(وَلَوْ بِمَالِهِمْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ وَجَدَ أَمَتَهُ الَّتِي بَاعَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ بَعْدَ أَنْ فَلَّسَ كَانَ أَحَقَّ بِهَا إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ.
قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: أَوْ يُضَمِّنُوهُ لَهُ وَهُمْ ثِقَاتٌ أَوْ يُعْطُوهُ بِهِ حَمِيلًا ثِقَةً، وَكَانَ ابْنُ كِنَانَةَ يَقُولُ: لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَفْدُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute