ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَأْخُذُ الْوَلَدَ بِخِلَافِ الْغَلَّةِ وَالثَّمَرَةِ إلَّا صُوفًا كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ فَلَّسَ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ الْأَمَةِ وَوَلَدِهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ مَنْ ابْتَاعَ غَنَمًا ثُمَّ فَلَّسَ فَوَجَدَ الْبَائِعُ الْغَنَمَ قَدْ تَنَاسَلَتْ فَلَهُ أَخْذُ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلَادِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ صُوفٍ جُزَّ أَوْ لَبَنٍ حَلَبَهُ فَذَلِكَ لِلْمُبْتَاعِ، وَكَذَلِكَ النَّخْلُ يَجْنِي ثَمَرَهَا فَهُوَ كَالْغَلَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الشِّرَاءِ عَلَى ظُهُورِ الْغَنَمِ صُوفٌ قَدْ تَمَّ، وَفِي النَّخْلِ تَمْرٌ قَدْ أُبِّرَ وَاشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ فَلَيْسَ كَالْغَلَّةِ وَإِنْ جَدَّ الثَّمَرَةَ أَوْ جَزَّ الصُّوفَ.
(وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ) قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا وَحَلَّ بِالْفَلَسِ وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ. وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَارًا لِسِنِينَ مَعْلُومَةٍ بِنُجُومٍ فَمَاتَ أَوْ فَلَّسَ فَالْأَصَحُّ فِي النَّظَرِ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ بِمَوْتِهِ وَلَا بِتَفْلِيسِهِ إذْ لَا يَحِلُّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقْبِضْ بَعْدُ عِوَضَهُ. وَهَذَا أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَا يَرَى قَبْضَ الدَّارِ لِلسُّكْنَى قَبْضًا لِلسُّكْنَى فَيَأْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الْكِرَاءَ لَا يَحِلُّ بِمَوْتِهِ وَيَنْزِلُ الْوَرَثَةُ مَنْزِلَتَهُ. وَعِبَارَةُ أَبِي عُمَرَ فِي كَافِيهِ: مَنْ اكْتَرَى دَارًا سَنَةً وَلَمْ يَنْقُدْ الْكِرَاءَ وَسَكَنَهَا بَعْضَ السَّنَةِ ثُمَّ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ، فَرَبُّ الدَّارِ أَحَقُّ بِمَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيُحَاصُّ غُرَمَاءَهُ بِالْأُجْرَةِ مَا مَضَى. وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا: إنْ أَفْلَسَ مُشْتَرِي مَنَافِعَ قَبْلَ قَبْضِهَا فَبَائِعُهَا أَحَقُّ بِهَا فِي " الْمُقَدِّمَاتِ " وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ كَسِلْعَةٍ بِيَدِ بَائِعِهَا. اُنْظُرْ أَنْتَ الْمُقَدِّمَاتِ.
(وَقُدِّمَ فِي زَرْعِهَا فِي الْفَلَسِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا فَزَرَعَهَا وَلَمْ يَنْقُدْ الْكِرَاءَ ثُمَّ مَاتَ فَرَبُّ الْأَرْضِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ فَلَّسَ فَرَبُّ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِالزَّرْعِ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَأْخُذَ كِرَاءَهُ. ابْنُ يُونُسَ: وَجْهُ هَذَا أَنَّ الْأَرْضَ لَمَّا كَانَتْ مُثْمِرَةً لِلزَّرْعِ فَكَانَ رَبُّهَا مُخْرِجًا لِلزَّرْعِ فَلَمَّا أَكْرَى أَرْضَهُ أَشْبَهَ بَائِعَ الزَّرْعِ.
(ثُمَّ سَاقِيهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: الْأَجِيرُ عَلَى سَقْيِ زَرْعٍ أَوْ نَخْلٍ أَوْ أَصْلٍ فَإِنْ سَقَاهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ: مُكْرِي الْأَرْضِ مُبْدَأٌ عَلَى الْأَجِيرِ ثُمَّ الْأَجِيرُ مُبْدَأٌ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ.
(ثُمَّ مُرْتَهِنُهُ) قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا فَزَرْعُهَا وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَعْمَلُ فِيهَا وَرَهَنَ الزَّرْعَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ وَفِيهِ الْأُجَرَاءُ ثُمَّ يُفْلِسُ، فَصَاحِبُ الْأَرْضِ وَالْأَجِيرُ مُبْدَآنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ.
(وَالصَّانِعُ أَحَقُّ وَلَوْ بِمَوْتٍ بِمَا بِيَدِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: الصُّنَّاعُ أَحَقُّ بِمَا أُسْلِمَ إلَيْهِمْ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ مَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ لِأَنَّهُ كَالرَّهْنِ (وَإِلَّا فَلَا إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ الصَّانِعُ قَدْ عَمِلَ الصَّنْعَةَ وَرَدَّ الْمَصْنُوعَ لِصَاحِبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّانِعِ فِيهَا إلَّا عَمَلُ يَدِهِ كَالْخَيَّاطِ وَالْقَصَّارِ وَالنَّسَّاجِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا إنْ أَخْرَجَ الصَّانِعُ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا سِوَى عَمَلِهِ مِثْلَ الصَّبَّاغِ يَجْعَلُ الصَّبْغَ مِنْ عِنْدِهِ. وَالصَّيْقَلُ يَجْعَلُ حَوَائِجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute