الْقَاضِي لَا يُطْلَقُ مِنْ الْوِلَايَةِ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي، وَأَمَّا وَصِيُّ الْأَبِ فَإِطْلَاقُهُ جَائِزٌ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يُذْكَرُ مِنْ حَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ زَرْبٍ: مُقَدَّمُ الْقَاضِي يَكْفِي إطْلَاقُهُ كَوَصِيِّ الْأَبَدِ، وَأُخِذَ مِنْ إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْيَتِيمِ وَصِيٌّ فَأَقَامَ لَهُ الْقَاضِي خَلِيفَةً كَانَ كَالْوَصِيِّ فِي جَمِيعِ أَمْرِهِ. وَانْظُرْ إذَا تَصَرَّفَ الْمَحْجُورُ بِمَرْأًى مِنْ وَصِيِّهِ وَطَالَ تَصَرُّفُهُ، أَفْتَى ابْنُ الْحَاجِّ وَابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ رُشْدٍ أَنَّ مَا لَحِقَهُ مِنْ دَيْنٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَتَصَرُّفُهُ مَاضٍ.
قَالَ الْبُرْزُلِيِّ فِي نَوَازِلِهِ: وَبِهَذَا هُوَ الْعَمَلُ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مَتَى رَآهُ وَلِيُّهُ وَسَكَتَ فَإِنَّهُ مَاضٍ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِتُونُسَ.
وَنَقَلَ مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ حَدَّيْنِ فِي ابْنٍ اشْتَرَى مِلْكًا وَثَبَتَ أَنَّهُ فِي وِلَايَةِ أَبِيهِ فَقَامَ الْأَبُ يَرُدُّ الْبَيْعَ مُدَّعِيًا أَنَّهُ حِينَ الْبَيْعِ كَانَ غَائِبًا، وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْأَبَ كَانَ حَاضِرًا. فَأَجَابَ ابْنُ مَيْسُورٍ: إنْ أَثْبَتَ الْغَيْبَةَ الْمَذْكُورَةَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَلَفَ وَرَدَّ الْبَيْعَ.
وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ: إنْ ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَزَلْ مُطَالِبًا لِلثَّمَنِ بَعْدَ قُدُومِ الْأَبِ ثَبَتَ الْبَيْعُ.
قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: وَكَذَا الْعُرْفُ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ مَا فَعَلَهُ الْمَحْجُورُ بِعِلْمِ حَاجِرِهِ فَهُوَ مَاضٍ وَلَا مَرَدَّ لَهُ، وَإِنَّمَا يُرَدُّ مَا لَا شُعُورَ لَهُ بِهِ. وَانْظُرْ قَبْلَ قَوْلِهِ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَنَّ الْوَصِيَّ إنْ تَرَكَ النَّظَرَ لِمَحْجُورِهِ أَنَّ الْمَحْجُورَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا نَقَصَهُ، وَلِلْمُتَيْطِيِّ: أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ نِكَاحَ ذِي الْوَصِيِّ إذَا كَانَ حِينَ الْعَقْدِ بِحَالِ رُشْدِهِ، وَكَذَلِكَ مَا فَعَلَ فِي هَذَا الْحَالِ مِنْ ابْتِيَاعٍ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: وَبِذَلِكَ كَانَ يُفْتِي بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْتُهُ مِنْ الشُّيُوخِ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ فِي الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَنَّ شَهَادَتَهُ جَائِزَةٌ إذَا كَانَ عَدْلًا.
قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَبِهَذَا هُوَ الْعَمَلُ. وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي قَاضٍ قَدَّمَ مَحْجُورًا عَلَى يَتِيمٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَجْرِهِ ثُمَّ ثَبَتَ حَجْرُهُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الَّذِي أَقُولُ بِهِ فِي هَذَا وَأَتَقَلَّدُهُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْقَاضِي مُخْرِجٌ لَهُ مِنْ الْحَجْرِ إنْ عَلِمَ بِالرُّشْدِ مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الرُّشْدَ لَا عِبْرَةَ بِالْوِلَايَةِ. عِيَاضٌ: نَاظَرَ ابْنُ لُبَابَةَ فِي الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute