الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا. الْمُتَيْطِيُّ: لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى سُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ (وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةً) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ شَاسٍ إنْ صَالَحَ عَنْ بَعْضِهِ فَهُوَ إبْرَاءٌ (وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ) ابْنُ شَاسٍ: الصُّلْحُ عَنْ الدَّيْنِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ.
ابْنُ يُونُسَ: تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ عَلَى الْإِنْكَارِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ ادَّعَيْت عَلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ فَأَنْكَرَ فَصَالَحْتُهُ مِنْهُ عَلَى ثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ، وَإِنْ صَالَحْته مِنْهُ عَلَى عَشَرَةِ أَرْطَالٍ مِنْ لَحْمِ شَاةٍ وَهِيَ حَيَّةٌ لَمْ يَجُزْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ اسْتَهْلَكَ لَكَ بَعِيرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ تُصَالِحَهُ عَلَى بَعِيرٍ مِثْلِهِ إلَى أَجَلٍ لِفَسْخِكَ مَا وَجَبَ لَك مِنْ الْقِيمَةِ فِي بَعِيرٍ، وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَهْلَكَ لَك مَتَاعًا فَصَالَحْته عَلَى طَعَامٍ أَوْ عَرَضٍ مُؤَجَّلٍ لَمْ يَجُزْ لِفَسْخِكَ مَا وَجَبَ لَا مِنْ الْقِيمَةِ فِي ذَلِكَ. وَلَوْ صَالَحْتَهُ عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَتْ كَالْقِيمَةِ فَأَدْنَى وَكَانَ مَا اُسْتُهْلِكَ مِمَّا يُبَاعُ بِالدَّنَانِيرِ بِالْبَلَدِ جَازَ، وَيَجُوزُ عَلَى دَرَاهِمَ نَقْدًا أَوْ عَلَى عَرَضٍ نَقْدًا بَعْدَ مَعْرِفَتِكُمَا بِقِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَلَا يَجُوزُ إلَى أَجَلٍ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ جَازَ الصُّلْحُ عَلَى دَرَاهِمَ مُؤَجَّلَةٍ مِثْلِ الْقِيمَةِ فَأَدْنَى، وَلَا يَجُوزُ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ عَرَضٍ إلَّا نَقْدًا بَعْدَ مَعْرِفَتِكُمَا بِقِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ مِنْ الدَّرَاهِمِ.
وَإِنْ شَرَطْتهَا تَأْخِيرَ ذَلِكَ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ تَعَجَّلْته بَعْدَ الشَّرْطِ لَمْ يَجُزْ لِوُقُوعِهِ فَاسِدًا، وَكَذَلِكَ إنْ ادَّعَيْت أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ لَكَ غَنَمًا أَوْ مَتَاعًا فَالصُّلْحُ فِيهِ عَلَى عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ يَجْرِي عَلَى مَا وَصَفْنَا، وَلَوْ لَمْ تَفُتْ الْغَنَمُ أَوْ الْمَتَاعُ وَلَا تَعَيَّنَ جَازَ صُلْحُكَ مِنْهُ عَلَى عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا إذَا وَصَفْت الْعَرَضَ الْمُؤَجَّلَ وَكَانَ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ تُسْلِمَ فِيهِ عَرَضَكَ وَأَجَلُهُ مِثْلُ أَجَلِ السَّلَمِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ذَبَحَ لِرَجُلٍ شَاةً فَأَعْطَاهُ بِالْقِيمَةِ شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ فَصِيلًا، فَإِنْ كَانَ لَحْمُ الشَّاةِ لَمْ يَفُتْ لَمْ يَجُزْ إذْ لَهُ أَخْذُهَا فَصَارَ اللَّحْمُ بِالْحَيَوَانِ، وَإِنْ فَاتَ اللَّحْمُ فَجَائِزٌ نَقْدًا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِقِيمَةِ الشَّاةِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ لَهُ صُبْرَةَ قَمْحٍ لَا يَعْرِفَانِ كَيْلَهَا جَازَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْقِيمَةِ مَا شَاءَ مِنْ طَعَامٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ عَرَضٍ نَقْدًا، وَأَمَّا عَلَى مَكِيلَةٍ مِنْ قَمْحٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ سُلْتٍ فَلَا يَصْلُحُ عَلَى التَّحَرِّي، وَأَمَّا عَلَى كَيْلٍ لَا يُشَكُّ أَنَّهُ أَدْنَى مِنْ كَيْلِ الصُّبْرَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ بَعْضَ حَقِّهِ فَلَا يُبَالِي أَخَذَ قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ سُلْتًا، يُرِيدُ هَاهُنَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْقِيمَةَ انْتَهَى.
وَعَلَى هَذَا يَنْبَنِي مُصَالَحَةُ الْفَرَّانِ وَالرَّحَوِيِّ فِيمَا ابْتَدَلَ عِنْدَهُمَا، وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مَا لَا يَشُكُّ أَنَّهُ أَقَلُّ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّ خُبْزَهُ أَوْ دَقِيقَهُ قَدْ أُكِلَ لِئَلَّا يَكُونَ مُبَادَلَةً بِتَأْخِيرٍ.
وَكَانَ يَقُولُ: قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ قَرِينَةُ الْحَالِ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute