أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَعْدَمَ الْغَرِيمُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَاسَمَةٌ لِلدَّيْنِ كَمَا لَوْ وَرِثَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ فَاقْتَسَمَا مَا عَلَيْهِ جَازَ وَصَارَ كَذِكْرِ حَقٍّ بِكِتَابَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اقْتَضَى. وَذَكَرَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الرَّجُلَيْنِ يَبِيعَانِ سِلْعَتَيْهِمَا وَلَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ وَيَكْتُبَانِ دَيْنَهُمَا بِكِتَابٍ وَاحِدٍ، أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اقْتَضَى لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِيهِ صَاحِبُهُ. وَفِي هَذَا نَظَرٌ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ.
وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ فِي جَوَازِ جَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ انْتَهَى. ثُمَّ مَضَى ابْنُ يُونُسَ عَلَى كَلَامٍ طَوِيلٍ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ: وَمِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ كَانَ دَيْنُهُمَا ثِيَابًا أَوْ عُرُوضًا تُكَالُ أَوْ تُوزَنُ أَوْ لَا تُكَالُ وَلَا تُوزَنُ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ، فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَاعَ حَقَّهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ جَازَ وَلِشَرِيكِهِ أَخْذُ نِصْفِهَا، ثُمَّ يَكُونُ مَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ لَهُ ذَلِكَ وَأَتْبَعَ الْغَرِيمَ بِجَمِيعِ حَقِّهِ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الشَّرِيكِ وَإِنْ أَعْدَمَ انْتَهَى.
وَقَالَ عِيَاضٌ: قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجُلَيْنِ لَهُمْ ذِكْرُ حَقٍّ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ أَوْ بِغَيْرِ كِتَابٍ مِنْ بَيْعٍ بَاعَهُ بِعَيْنٍ أَوْ بِمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ غَيْرِ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ أَوْ شَيْءٌ أَقْرَضَاهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ أَوْ الطَّعَامِ إلَخْ. قِيلَ: إنَّمَا اسْتَثْنَى الطَّعَامَ هُنَا مِنْ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ فِي الْخُرُوجِ لِاقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ مُقَاسَمَةً، وَالْمُقَاسَمَةُ فِيهِ كَبَيْعِهِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُهُ: وَفِي الْأَسَدِيَّةَ لِمَالِكٍ خِلَافُ هَذَا، وَهَذَا أَصْلٌ مُتَنَازَعٌ فِيهِ هَلْ الْقِسْمَةُ بَيْعٌ أَوْ تَمْيِيزُ حَقٍّ. وَحَمَلَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى مَآلِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَمُصَالَحَتِهِ إيَّاهُ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ آخِرَ الْكِتَابِ وَكَرَّرَ بِلَفْظِهِ فَقَالَ: مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ فَصَالَحَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَنَانِيرَ فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ مُرَادُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ (إلَّا الطَّعَامَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ وَيُعْذِرَ إلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ أَوْ فِي الْوَكَالَةِ فَيَمْتَنِعَ وَإِنْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute