نِصْفَ ذَهَبِهِ بِنِصْفِ فِضَّةِ صَاحِبِهِ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: لِأَنَّ هَذِهِ صَرْفٌ مَعَ شَرِكَةٍ وَالْأُولَى لَيْسَ فِيهَا صَرْفٌ.
(وَبِعَيْنٍ وَبِعَرَضٍ) ابْنُ رُشْدٍ: أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرِكَةَ بِالْعَرَضَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ أَوْ الْعَرَضِ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ إذَا اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ فِي ذَلِكَ إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ إلَّا عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْبَيْعُ وَالشَّرِكَةُ، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْضَافَ إلَى الشَّرِكَةِ بَيْعٌ وَلَا إجَارَةٌ إذَا كَانَا خَارِجَيْنِ عَنْهَا. وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَا دَاخِلَيْنِ فَأَجَازَ ذَلِكَ سَحْنُونَ، وَاضْطَرَبَ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَأَجَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلَانِ بِالْعَرَضَيْنِ مِنْ صِنْفَيْنِ إذَا اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا، وَبِالْعُرُوضِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِالدَّابَّةِ وَالْآخَرُ بِالْبَيْتِ أَوْ الرَّحَا فَيَشْتَرِكَانِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَا عَلَيْهِمَا وَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَةُ كِرَائِهِمَا، وَأَجَازَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ نِصْفَ الدَّابَّةِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَا عَلَيْهِمَا وَاسْتَوَتْ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ دَاخِلَانِ فِي الشَّرِكَةِ فَهُوَ جَائِزٌ.
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةً وَلِأَحَدِهِمَا دَابَّةٌ وَالْأُخْرَى يَعْمَلُ عَلَيْهَا فِي جَمِيعِ الْمَالِ انْتَهَى.
وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّحَا. وَمَسْأَلَةُ الْمَوَّازِيَّةِ: إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَسْأَلَةِ اسْتِئْجَارِ أَحَدِهِمَا الدَّابَّةَ أَنَّهَا مُعَارِضَةٌ لِمَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ وَالرَّحَا. وَاَلَّذِي لِلْمُتَيْطِيِّ: إنْ جَعَلَ أَحَدُهُمَا الْحَانُوتَ وَالْآخَرُ الْأَدَاةَ وَكَانَا ذَوِي صَنْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعَلَى أَنْ يَكُونَ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَأَكْرَى هَذَا مِنْ هَذَا بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ وَتَسَاوَيَا فِي ذَلِكَ جَازَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِقَوْلِ مَالِكٍ: إذَا جَاءَ أَحَدُهُمَا بَرِحَا وَالْآخَرُ بِدَابَّةٍ وَلَمْ يَتَقَاوَمَا ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، فَأَمَّا إنْ قَوَّمَا الرَّحَا وَالدَّابَّةَ قَبْلَ الشَّرِكَةِ وَأَكْرَى بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَيَجُوزُ، وَتَكْتُبُ فِي ذَلِكَ: تَشَارَكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِأَنْ حَصَّلَ فُلَانٌ بَيْتًا حَدُّهُ كَذَا وَفُلَانٌ بَغْلًا صِفَتُهُ كَذَا وَفُلَانٌ رَحًا بِجَمِيعِ آلَتِهَا وَقَوَّمُوا ذَلِكَ كُلَّهُ بِالْكِرَاءِ، فَاعْتَدَلَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ وَتَسَاوَوْا جَمِيعًا فِيهِ، وَتَمَّ الْعَقْدُ اهـ.
وَكَذَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّهُ إذَا جَاءَ هَذَا بِرَحًا وَهَذَا بِدَابَّةٍ وَأَكْرَى هَذَا مِنْ هَذَا وَهَذَا مِنْ هَذَا بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ وَتَسَاوَى ذَلِكَ جَازَ. يَبْقَى النَّظَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوَّازِيَّةِ إنْ عَمِلَ فِيهَا هَكَذَا، هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟ فَانْظُرْهُ أَنْتَ. وَرَأَيْت فِي الِاسْتِغْنَاءِ مَا نَصُّهُ: إنْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَا عَلَى دَوَابِّهِمَا مِنْ غَيْرِ رَأْسِ مَالٍ لَا خَيْرَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُكْرِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْآخِرِ نِصْفَ دَوَابِّهِ. وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَصَائِدَيْنِ فِي بَازَيْنِ " مَزِيدُ نَقْلٍ.
(وَبِعَرَضَيْنِ مُطْلَقًا) ابْنُ رُشْدٍ: الشَّرِكَةُ بِالْعَرَضَيْنِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ جَائِزَةٌ بِإِجْمَاعٍ، وَبِالْعَرَضَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ أَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بَيْعَ بَعْضِ أَحَدِهِمَا بِبَعْضِ الْآخَرِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَعَلَى أَنَّهُمَا لَا يَتَّجِرَانِ فِي أَثْمَانِهِمَا إذَا بِيعَا كَانَتْ جَائِزَةً وَإِنْ كَانَ فِيهَا تَغَابُنٌ أَوْ تَفَاضُلٌ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. وَإِنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ لِيَتَّجِرَا بِأَثْمَانِهِمَا جَازَتْ الشَّرِكَةُ إذَا كَانَتْ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الشَّرِكَةِ مَبْلَغَ قِيمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute