للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرِكَةُ وَرَجَعَ الْقَلِيلُ الْمَالِ عَلَى الْآخَرِ بِفَضْلِ عَمَلِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ لِأَحَدِهِمْ عَشَرَةٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ وَالثَّالِثُ لَا مَالَ لَهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فَرَبِحُوا أَوْ خَسِرُوا، فَهَذَا فَاسِدٌ وَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى صَاحِبَيْ الْمَالِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، وَلِلَّذِي لَا مَالَ لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ عَلَى الْمَالَيْنِ، وَلِلْقَلِيلِ الْمَالِ أَجْرُهُ فِيمَا عَمِلَ فِي الْخَمْسَةِ الْفَاضِلَةِ. اُنْظُرْ تَفْسِيرَ هَذَا فِي ابْنِ يُونُسَ.

(لَا بِذَهَبٍ وَبِوَرِقٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا وَابْنُ سَحْنُونَ أَجَازَ ذَلِكَ وَقَالَ: إنَّمَا لَا يَجُوزُ صَرْفٌ وَشَرِكَةٌ إذَا كَانَ الصَّرْفُ خَارِجًا مِنْ الشَّرِكَةِ. وَكَذَا قَالَ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ اضْطَرَبَ قَوْلُهُ إذَا كَانَ دَاخِلًا فِي الشَّرِكَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ خَارِجًا عَنْهَا فَلَا يَجُوزُ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَوَجْهُهُ أَنَّ الشَّرِكَةَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَالْبَائِعُ إنَّمَا رَضِيَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ مِنْهُ بِاَلَّذِي سَمَّى لِمَا رَجَّى مِنْ الِانْتِفَاعِ بِشَرِكَتِهِ وَهُوَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْقَى شَرِيكًا مَعَهُ فَوَقَعَ فِي هَذَا غَرَرٌ فِي الْبَيْعِ. وَانْظُرْ اجْتِمَاعَ شَرِكَةٍ وَإِجَارَةٍ.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ هَذَا الْغَزْلِ عَلَى أَنْ يَنْسِجَ نِصْفَهُ الْآخَرَ ثَوْبًا وَانْعَقَدَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَشَارَكَا فِيهِ فَنَسَجَهُ كُلَّهُ مُشَاعًا فَذَلِكَ جَائِزٌ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَ ذَلِكَ زِيَادَةُ دَرَاهِمَ أَوْ شَيْءٌ فَتَصِيرُ شَرِكَةً وَإِجَارَةً، وَلَا يَجُوزُ مَعَ الشَّرِكَةِ بَيْعٌ أَوْ شَرْطُ زِيَادَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ انْتَهَى.

وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُجِيزُ لِلنِّسَاءِ الشَّرِكَةَ فِي عَمَلِ فَشَاتِيلَ تُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْغَزْلِ قَدْرَ مَا تُرِيدُ مِنْ الْفَشَاتِيلِ وَيَخْلِطْنَ الْغَزْلَ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَدْخُلَ مَعَهُمْ النَّسَّاجَةُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الشَّرِكَةِ بِغَزْلَيْنِ عَلَى نَسْجِهِمَا نَظَرٌ اُنْظُرْهُ فِيهِ.

(وَبِطَعَامَيْنِ وَلَوْ اتَّفَقَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ عِنْدَ مَالِكٍ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، كَانَ مِمَّا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ أَمْ لَا، مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ صِنْفَيْنِ.

وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرِكَةَ فِي الطَّعَامِ الْمُتَّفِقِ فِي الصِّفَةِ وَالْجَوْدَةِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ عَلَى الْكَيْلِ قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ لِكَرَاهِيَةِ مَالِكٍ فِيهِ وَجْهًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَتَجُوزُ الشَّرِكَةُ عِنْدَ مَالِكٍ بِطَعَامٍ وَدَرَاهِمَ وَبِعَيْنٍ وَعَرَضٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْقِيَمِ وَبِقَدْرِ ذَلِكَ يَكُونُ الْعَمَلُ وَالرِّبْحُ.

(ثُمَّ إنْ أَطْلَقَا التَّصَرُّفَ وَإِنْ بِنَوْعٍ فَمُفَاوَضَةٌ وَلَا يُفْسِدُهَا انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِشَيْءٍ) ابْنُ رُشْدٍ شَرِكَةُ الْأَمْوَالِ ثَلَاثَةٌ: مُفَاوَضَةٌ وَمُضَارَبَةٌ وَعِنَانٌ. فَشَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ أَنْ يُجِيزَ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>