للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَلِهِ لِلْآخَرِ) تَقَدَّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " إنْ لَمْ يَبْعُدْ وَلَمْ يَتَّجِرْ لِحُضُورِهِ ".

(وَلَهُ التَّبَرُّعُ وَالسَّلَفُ وَالْهِبَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ صَحَّ عَقْدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فِي الْمَالِ ثُمَّ تَطَوَّعَ الَّذِي لَهُ الْأَقَلُّ بِعَمَلٍ فِي الْجَمِيعِ جَازَ وَلَا أَجْرَ لَهُ. وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ شَارَكَهُ وَأَسْلَفَهُ نِصْفَ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ طَلَبَ رِفْقَهُ وَصِلَتَهُ إلَيْهِ لَا لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ وَلَا لِقُوَّةِ تَبَصُّرِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، ثُمَّ رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ رَجَعَ فَكَرِهَهُ، وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ. اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَالِكًا مَرَّةً صَدَّقَهُ وَمَرَّةً اتَّهَمَهُ، وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا قَصَدَ الرِّفْقَ بِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَجَائِزٌ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَفَهُ أَوْ وَهَبَهُ.

ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَعْنِي أَنَّ اخْتِلَافَ نِسْبَةِ الرِّبْحِ وَالْعَمَلِ مَعَ رَأْسِ الْمَالِ إنَّمَا يُفْسِدُ الشَّرِكَةَ إنْ كَانَ شَرْطًا فِي عَقْدِهَا، وَلَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَحَدُهُمَا بَعْدَهُ جَازَ، اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ تَعَقَّبَ هَذَا، وَانْظُرْ أَوَّلَ تَرْجَمَةٍ مِنْ الشَّرِكَةِ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ فَإِنَّهُ يُرَشِّحُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ.

(وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّلَفَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّهُ ابْتَاعَ سِلْعَةً وَضَاعَتْ مِنْهُ صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ.

ابْنُ عَرَفَةَ: مَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ تُهْمَةٌ كَدَعْوَاهُ التَّلَفَ وَهُوَ فِي رُفْقَةٍ لَا يَخْفَى ذَلِكَ فِيهَا (وَالْخُسْرِ وَالْآخِذُ لَائِقٌ لَهُ) ابْنُ الْحَاجِبِ: الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي التَّلَفَ وَالْخُسْرَانَ وَمَا يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ.

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: مَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا مِنْ طَعَامٍ لِمَنْزِلِهِ وَكِسْوَةٍ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً، وَإِنْ طَلَبَ صَاحِبُهُ نِصْفَهُ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِهِ وَحَسْبُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَالِ مِثْلَ مَا أَخَذَ صَاحِبُهُ (وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا.

(وَحَمَلَ عَلَيْهِ فِي تَنَازُعِهِمَا) هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ: إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْمَالَيْنِ حُمِلَ عَلَى النِّصْفِ. وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي شَرِيكَيْنِ أَرَادَا الْمُفَاصَلَةَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لَكَ الثُّلُثُ وَلِي الثُّلُثَانِ وَقَالَ الْآخَرُ: الْمَالُ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ وَلَيْسَ الْمَالُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا دُونَ صَاحِبِهِ قَالَ: لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ النِّصْفُ، وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ الثُّلُثُ، وَيُقَسَّمُ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَعَلَى هَذَا ثَبَتَ ابْنُ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ: فَقَوْل ابْنِ الْحَاجِبِ حُمِلَ عَلَى النِّصْفِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَخِلَافُ قَوْلِ أَشْهَبَ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ انْتَهَى.

وَعَلَى هَذِهِ فَعِبَارَةُ الشَّارِحِ حَسَنَةٌ جِدًّا إذْ قَالَ: لَوْ ادَّعَى الثُّلُثَيْنِ وَالْآخَرُ النِّصْفَ لِكُلٍّ مَا سَلَّمَ لَهُ وَقُسِمَ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا. وَقِيلَ: يَحْلِفَانِ وَيُنَصَّفُ.

(وَلِلِاشْتِرَاكِ فِيمَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى كَإِرْثِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا مُفَاوِضُهُ كَانَ جَمِيعُ مَا بِأَيْدِيهِمَا بَيْنَهُمَا إلَّا مَا قَامَتْ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>