للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَادَ أَنْ يُعَلِّقَ بَيْتًا فِي دَارِهِ عَلَى أَرْجُلٍ مِنْ حَائِطِ جَارِهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِجَارِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ أَنْ يَمَسَّ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْرِبَ وَتَدًا فِي جِدَارِهِ وَلَا أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ مَا يَضُرُّ بِهِ كَالزِّبْلِ وَالتِّبْنِ. (وَإِرْفَاقٌ بِمَاءٍ وَفَتْحُ بَابٍ) الْبَاجِيُّ: قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: كُلُّ مَا طَلَبَهُ جَارُهُ مِنْ فَتْحِ بَابٍ أَوْ إرْفَاقٍ بِمَاءٍ أَوْ طَرِيقٍ وَشِبْهِهِ فَهُوَ مِثْلُهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَهُ مِمَّا لَا يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ مِنْهُ وَلَا يَحْكُمُ بِهِ عَلَيْهِ.

(وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَفِيهَا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ وَفِي مُوَافَقَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ تَرَدُّدٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَذِنْتَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي أَرْضِكَ أَوْ يَغْرِسَ فَلَمَّا فَعَلَ أَرَدْتَ إخْرَاجَهُ، فَأَمَّا بِقُرْبِ إذْنِكَ لَهُ مِمَّا لَا يُشْبِهُ أَنْ تُعِيرَهُ إلَى مِثْلِهِ تِلْكَ الْمُدَّةُ الْقَرِيبَةُ فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ مَا أَنْفَقَ. وَقَالَ فِي بَابٍ بَعْدَ هَذَا: قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ. ابْنُ يُونُسَ: قِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: " قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ " أَيْ إذَا أَخْرَجَ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا مِنْ آجُرٍّ أَوْ جِيرٍ. وَقَوْلُهُ: " مَا أَنْفَقَ " إذَا أَخْرَجَ ثَمَنًا فَاشْتَرَى بِهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ.

ابْنُ يُونُسَ: فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَا يَكُونُ اخْتِلَافًا مِنْ قَوْلِهِ. وَقِيلَ: رَأَى أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغَابُنٌ أَوْ كَانَ فِيهِ تَغَابُنٌ يَسِيرٌ، وَمَرَّةً رَأَى أَنَّ الْقِيمَةَ أَعْدَلَ إذْ قَدْ يُسَامَحُ مَرَّةً فِيمَا يَشْتَرِيهِ، وَمَرَّةً يُغْبَنُ فِيهِ فَإِذَا أَعْطَى قِيمَةَ ذَلِكَ يَوْمَ بِنَائِهِ لَمْ يَظْلِمْ. ابْنُ يُونُسَ: فَيَكُونُ عَلَى هَذَا اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَالتَّأْوِيلَانِ مَعًا مُحْتَمَلَانِ. وَقِيلَ: تَأْوِيلٌ آخَرُ هُوَ خَطَأٌ اهـ.

اُنْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ الْحُكْمَ إذَا أَبَى أَنْ يَدْفَعَ شَيْئًا وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَمْ يُعْطِهِ مَا أَنْفَقَ تَرَكَهُ إلَى مِثْلِ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّكَ أَعَرْته إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْأَمَدِ. وَرَوَى أَبُو عُمَرَ: مَنْ أَعَارَ جَارَهُ خَشَبَةً يَغْرِزُهَا فِي جِدَارِهِ ثُمَّ أَغْضَبَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ لِأَمْرٍ نَزَلَ بِهِ فَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِهِ فَقَالَ: انْزِعْ خَشَبَكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ. وَرَوَى الْبَاجِيُّ: إذَا أَبَاحَ لَهُ أَنْ يَغْرِزَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْزِعَهَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَاحْتَاجَ إلَى جِدَارِهِ مَاتَ أَوْ عَاشَ أَوْ بَاعَ.

وَقَالَ أَصْبَغُ: إذَا أَتَى عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَانِ مَا يُعَارُ مِثْلُهُ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ فَلَهُ مَنْعُهُ. اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ نَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ: الْغَرْزُ فِي جِدَارِ الدَّارِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى رَبِّ الْجِدَارِ.

وَقَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ، وَيَأْتِي أَيْضًا عَلَى رِوَايَةِ زِيَادٍ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَمَرِّ فِي أَرْضِ الرَّجُلِ لِجَارِهِ إنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>