(وَإِنْ بَعَثْت إلَيْهِ بِمَالٍ فَقَالَ: تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَيَّ وَأَنْكَرْتَ حَلَفَ وَالرَّسُولُ شَاهِدٌ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ بَعَثْتَ إلَى رَجُلٍ بِمَالٍ فَقَالَ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَيَّ وَصَدَّقَهُ الرَّسُولُ وَأَنْتَ مُنْكِرٌ لِلصَّدَقَةِ وَتَقُولُ بَلْ هُوَ إيدَاعٌ، فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ يَحْلِفُ مَعَهُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ وَيَكُونُ الْمَالُ صَدَقَةً عَلَيْهِ. قِيلَ لِمَالِكٍ: كَيْفَ يَحْلِفُ وَلَمْ يَحْضُرْ؟ قَالَ: كَمَا يَحْلِفُ الصَّبِيُّ مَعَ شَاهِدِهِ فِي دَيْنِ أَبِيهِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الضَّمَانَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ أَشْهَبُ أَنَّ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ عَدِيمٌ قَدْ أَتْلَفَ الْمَالَ وَلَا بَيِّنَة لِلرَّسُولِ عَلَى الدَّفْعِ، فَأَمَّا وَهُوَ مَلِيءٌ حَاضِرٌ فَشَهَادَةُ الرَّسُولِ جَائِزَةٌ مَعَ يَمِينِ الْمَشْهُودِ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ قَامَتْ لِلرَّسُولِ بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ فِي عَدَمِ الْمَشْهُودِ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ: وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ قَوْلُ أَشْهَبَ وِفَاقًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ عَلَّلَ مُحَمَّدٌ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَّلَ غَيْرُهُ قَوْلَ أَشْهَبَ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ دَفْعًا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْآمِرَ إنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَلَى جِهَةِ الْإِيدَاعِ فَدَفَعَ هُوَ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَلَا يُؤْخَذُ الْآمِرُ بِغَيْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الدَّفْعِ، وَابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا أَجَازَ شَهَادَتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الدَّفْعِ فَدَفَعَهُ وَالْمَأْمُورُ حَاضِرٌ فَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute