وَادَّعَى أَنَّهُ أَعَارَهُ إيَّاهَا وَقَالَ رَبُّهَا بَلْ: اكْتَرَيْتَهَا مِنِّي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ مَعْرُوفًا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَيْسَ يُكْرِي الدَّوَابَّ لِشَرَفِهِ وَقَدْرِهِ.
(كَزَائِدِ الْمَسَافَةِ إنْ لَمْ يَزِدْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَجَدْتُ فِي مَسَائِلِ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً فَرَكِبَهَا إلَى مَوْضِعِهِ فَلَمَّا رَجَعَ زَعَمَ رَبُّهَا أَنَّهُ أَعَارَهَا إيَّاهُ إلَى دُونِ مَا رَكِبَهَا إلَيْهِ أَوْ إلَى بَلَدٍ آخَرَ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَكَذَلِكَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَصًّا سَوَاءً قَالَ فِيهِ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ إذَا رَكِبَ وَرَجَعَ وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ بَعْدُ فَالْمُعِيرُ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ. وَكَمَنْ أَسْكَنْتَهُ دَارًا أَوْ أَخَدَمْتَهُ عَبْدًا فَبَعْدَ سَنَةٍ قَالَ هُوَ: الْمُدَّةُ سَنَةً، وَقُلْت أَنْتَ: سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ عَلَيْكَ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْكَ مَا لَا يُشْبِهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَسْكَنَ وَلَا الْعَبْدَ فَأَنْتَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِكَ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِ يُرِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي رَفْعِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ؛ لِأَنَّ مُسْتَعِيرَ الدَّارِ لَوْ ثَبَتَ عَدَاؤُهُ بِمُجَاوَزَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا إلَيْهَا فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَمْ يَضْمَنْهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَعَدَّى عَلَى السُّكْنَى فَلَا يَكُونُ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ غَاصِبِ السُّكْنَى، فَكَيْفَ بِمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَدَاؤُهُ؟ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا لَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي السُّكْنَى وَدَفْعِ الْكِرَاءِ.
(وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَعِيرِ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: إذَا رَدَّ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي رَفْعِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ.
(وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ) لِأَشْهَبَ: مَنْ بَعَثَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ يُعِيرُهُ دَابَّةً إلَى بُرْقَةَ فَأَعَارَهُ فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ إلَى بُرْقَةَ فَعَطِبَتْ فَقَالَ الْمُعِيرُ إنَّمَا أَعَرْته إلَى فِلَسْطِينَ وَقَالَ الرَّسُولُ بَلْ إلَى بُرْقَةَ، فَشَهَادَةُ الرَّسُولِ هَاهُنَا لَا تَجُوزُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَلَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَيَحْلِفُ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ مَا اسْتَعَارَهَا مِنْهُ إلَّا إلَى بُرْقَةَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ.
(كَدَعْوَاهُ رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْ) مُطَرِّفٌ: يُصَدَّقُ الْمُسْتَعِيرُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا ادَّعَى رَدَّ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُصَدَّقُ انْتَهَى. وَانْظُرْ إذَا ادَّعَى رَدَّ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُعِيرِ مَعَ يَمِينِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute