خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالصَّوَابُ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ أَنَّهُ إذَا أَفْسَدَهُ هَكَذَا أَنْ يَغْرَمَ الْجَانِي قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ عِوَضُهُ فَهُوَ مُضَارٌّ فِي تَرْكِ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَأَخْذِ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِحْرَامُ الْعَبْدِ الْعِتْقُ، وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ مِثْلُ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنَهُ الْوَاحِدَةَ أَوْ يَقْطَعَ يَدَهُ الْوَاحِدَةَ وَلَمْ تَذْهَبْ بِهَا أَكْثَرُ مَنَافِعِهِ، فَالسَّيِّدُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِهِ وَمَا نَقَصَهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ أَوْ يَغْرَمُ الْجَانِي قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ أَدَبًا لَهُ لِتَعَدِّيهِ وَظُلْمِهِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ يَسِيرَةً مِثْلَ أَنْ يَجْدَعَ أَنْفَهُ أَوْ يَقْطَعَ أُذُنَهُ أَوْ يَقْطَعَ أُصْبُعَهُ وَلَمْ يُفْسِدْهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا غُرْمُ مَا نَقَصَهُ.
(وَرَفَا الثَّوْبَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ تَعَدَّى عَلَى صَحْفَةٍ أَوْ عَصًا لِرَجُلٍ فَكَسَرَهَا أَوْ خَرَقَ لَهُ ثَوْبًا فَإِنْ أَفْسَدَ ذَلِكَ فَسَادًا كَثِيرًا خُيِّرَ رَبُّهُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهِ جَمِيعِهِ أَوْ أَخْذِهِ بِعَيْنِهِ أَوْ أَخْذِ مَا نَقَصَهُ مِنْ الْمُتَعَدِّي، وَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ يَسِيرًا فَلَا خِيَارَ لِرَبِّهِ وَإِنَّمَا لَهُ مَا نَقَصَهُ بَعْدَ رَفْوِ الثَّوْبِ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إذَا أَفْسَدَ الثَّوْبَ فَسَادًا كَثِيرًا وَاخْتَارَ رَبُّهُ أَخْذَهُ وَمَا نَقَصَهُ فَإِنَّمَا يَعْنِي بَعْدَ أَنْ يُرْفَأَ الثَّوْبُ أَوْ يُخَاطَ وَتُشَعَّبَ لَهُ الْقَصْعَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ فِي الْفَسَادِ الْيَسِيرِ إنَّهُ يَأْخُذُ الثَّوْبَ وَمَا نَقَصَهُ بَعْدَ الرَّفْوِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْحَيَوَانِ هَذَا لَيْسَ عَلَى الْجَانِي أَنْ يَغْرَمَ مَا نَقَصَ بَعْدَ أَنْ يُدَاوِيَ لَهُ الدَّابَّةَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا يُنْفَقُ عَلَى الْمُدَاوَاةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا يُعْلَمُ هَلْ تَرْجِعُ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَالرَّفْوُ وَالْخِيَاطَةُ مَعْلُومٌ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهِمَا وَيَرْجِعَانِ إلَى مَا كَانَا. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ فِي الثَّوْبِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ وَمَا نَقَصَهُ بَعْدَ الرَّفْوِ خِلَافٌ ظَاهِرٌ وَجْهُ فَسَادِهِ أَنَّهُ قَدْ يَغْرَمُ فِي رَفْوِ الثَّوْبِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ (مُطْلَقًا) تَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي النُّكَتِ لَا أَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَالَ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِمْ خِلَافُهُ.
(وَفِي أُجْرَةِ الطَّبِيبِ قَوْلَانِ) تَقَدَّمَ قَوْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute