للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكٌ: لَا شُفْعَةَ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ إلَّا بَعْدَ الْعِوَضِ. قِيلَ: فَلِمَ أَجَازَ مَالِكٌ الْهِبَةَ بِغَيْرِ ثَوَابٍ مُسَمًّى؟ قَالَ: لِأَنَّهُ عَلَى وَجْهِ التَّفْوِيضِ فِي النِّكَاحِ.

وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ وَلَكِنْ قَدْ أَجَازَهُ النَّاسُ.

(وَلَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى الْأَصَحِّ) الْبَاجِيُّ: لَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِالثُّلُثِ فَبَاعَ السُّلْطَانُ ثُلُثَ دَارِهِ فَلَا شُفْعَةَ لِلْوَرَثَةِ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ بَاعَ. قَالَهُ سَحْنُونَ، وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ فَهُمْ أَشْرَاكٌ بَائِعُونَ بَعْدَ مِلْكِ الْوَرَثَةِ بَقِيَّةَ الدَّارِ، وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ.

(وَالْمُخْتَارُ لَا مُوصًى لَهُ بِبَيْعٍ) اللَّخْمِيِّ: إذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ أَنْ يُبَاعَ نَصِيبٌ مِنْ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ شُفْعَةٌ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْمَيِّتِ أَنْ يُمَلِّكُهُ إيَّاهُ فَالشُّفْعَةُ رَدٌّ لِوَصِيَّتِهِ. وَحَمَلَ سَحْنُونَ إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ نَصِيبِهِ لِيَصْرِفَ ثَمَنَهُ فِي الْمَسَاكِينِ كَذَلِكَ أَنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ بَاعَهُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُشْفَعَ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَخَّرَ الْبَيْعَ لِبَعْدِ الْمَوْتِ وَلِوَقْتٍ لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ إلَّا بَعْدَ الشُّفْعَةِ.

(عَقَارًا) . ابْنُ عَرَفَةَ: تَتَعَلَّقُ الشُّفْعَةُ بِمَبِيعِ الشَّرِيكِ مُشَاعًا مِنْ رَبْعٍ يَنْقَسِمُ اتِّفَاقًا، وَلَا تَتَعَلَّقُ بِعَرَضٍ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ عَرَضٌ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ فَأَرَادَ بَيْعَ حِصَّتِهِ قِيلَ لِشَرِيكِهِ: بِعْ مَعَهُ أَوْ خُذْ بِمَا يُعْطَى، فَإِنْ رَضِيَ وَبَاعَ حِصَّةً مُشَاعَةً فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ.

وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ: مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ مَا كَانَ لَا يَنْقَسِمُ مِنْ عُرُوضٍ وَغَيْرِهَا إلَّا بِضَرَرٍ بِيعَ وَاقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ ثَمَنَهُ، وَمَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ أَخْذَهُ فَمَا بَلَغَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَذَلِكَ لَهُ، فَإِنْ تَشَاحُّوا فِيهِ تَزَايَدُوا حَتَّى يَقِفَ عَلَى أَخْذِ الزَّائِدِ فَيَأْخُذُهُ وَيُؤَدِّي إلَيْهِمْ أَنْصِبَاءَهُمْ.

(وَلَوْ مُنَاقَلًا بِهِ) . ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُنَاقَلَةُ بَيْعُ الشِّقْصِ بِعَقَارٍ. ابْنُ رُشْدٍ: إنْ بَاعَ الرَّجُلُ شِقْصَهُ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَصْلٍ أَوْ بِشِقْصٍ مِنْ أَصْلٍ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ أَوْ لَا شَرِيكَ لَهُ فِيهِ، فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الشُّفْعَةَ.

(إنْ انْقَسَمَ وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ وَعُمِلَ بِهِ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الشُّفْعَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا يَنْقَسِمُ مِنْ الْأُصُولِ دُونَ مَا لَا يَنْقَسِمُ، وَهَذَا أَمْرٌ اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ نَخْلَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْهَا فَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِهِ فِيهَا.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ فِي الْحَمَّامِ الشُّفْعَةُ وَهُوَ أَحَقُّ فِي أَنْ تَكُونَ فِيهِ الشُّفْعَةُ مِنْ الْأَرْضِ لِمَا فِي قَسْمِ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ.

وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَجْمَعُ. ابْنُ حَارِثٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ الْعَمَلَ عِنْدَ أَهْلِ الشُّورَى بِقُرْطُبَةَ عَلَى الشُّفْعَةِ فِي الْحَمَّامِ. وَانْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى إذَا أَرَادَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْبَيْعَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا يُحْكَمُ بِبَيْعِ مَا لَا يَنْقَسِمُ إذَا دَعَا إلَى ذَلِكَ أَحَدٌ الْأَشْرَاكِ إلَّا فِيمَا التَّشَارُكُ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ كَالدَّارِ وَالْحَائِطِ، وَأَمَّا مِثْلُ الْحَمَّامِ وَالرَّحَا وَشِبْهِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ لِلْغَلَّةِ فَلَا، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ (بِمِثْلِ الثَّمَنِ) اُنْظُرْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>