ثُمَّ اسْتَقَالَ مِنْهُ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ بِعُهْدَةِ الْبَيْعِ وَتَبْطُلُ الْإِقَالَةُ، وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِعُهْدَةِ الْإِقَالَةِ وَالْإِقَالَةُ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعٌ حَادِثٌ إلَّا فِي هَذَا. ابْنُ الْمَوَّازِ: وَجَعَلَهُ كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَرَبَ مِنْ الْعُهْدَةِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: وَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَلَوْ قَالَهُ قَائِلٌ لَمْ أَعِبْهُ وَلَكِنَّ الِاسْتِحْسَانَ أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ شُفْعَةٌ إلَّا عَلَى الْمُشْتَرِي لِفِرَارِهِ مِنْ الْعُهْدَةِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ أَسْلَمَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ
أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْمُسَلَّمُ قَبْلَ الْإِقَالَةِ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ قَبْلَ الْإِقَالَةِ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُتَبَايِعَانِ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ بِعُهْدَةِ الْإِقَالَةِ مِنْ الْبَائِعِ وَيَصِيرُ بَيْعًا حَادِثًا لِزَوَالِ التُّهْمَةِ.
(وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ كَانَ فِي الشُّرَكَاءِ مَنْ لَهُ شِرْكٌ أَخَصُّ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْإِشْرَاكِ فَهُوَ أَشْفَعُ وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ شِرْكٌ أَعَمُّ، وَذَلِكَ كَأَهْلِ الْمُوَرِّثِ الْوَاحِدِ يَتَشَافَعُونَ بَيْنَهُمْ دُونَ الشُّرَكَاءِ الْأَجَانِبِ، ثُمَّ أَهْلُ السَّهْمِ الْوَاحِدِ أَوْلَى مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْمِيرَاثِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلُّ صَاحِبِ شِرْكٍ أَخَصُّ فَهُوَ أَشْفَعُ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ فَيَشْفَعَ صَاحِبُ الشِّرْكِ الَّذِي يَلِيهِ أَعْنِي الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ، فَإِنْ سَلَّمَ الْآخَرُ شَفَعَ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ. وَانْظُرْ لَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ التَّسْلِيمِ فِي كُلِّ الْأَوْجُهِ الشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ لِلْأَبْعَدِ. الْبُرْزُلِيِّ: وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نُظَرَاءُ مِنْهَا مَنْ خَالَعَتْهُ عَلَى إسْقَاطِ الْحَضَانَةِ وَلَهَا أُمٌّ، مَفْهُومُ، إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ حَقَّ الْأُمِّ لَا يَسْقُطُ. وَمِنْهَا إذَا زَوَّجَهَا أَجْنَبِيٌّ وَتَعَذَّرَ الْأَقْرَبُ هَلْ يَنْتَقِلُ الْخِيَارُ لِلْأَبْعَدِ أَوْ لِلسُّلْطَانِ؟ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَمِنْهَا إذَا جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْأُمِّ فِي ابْنَتِهَا فَرَدَّتْهُ لِلْبِنْتِ هَلْ يَمْضِي عَلَى الزَّوْجِ؟ وَمِنْهَا الْعَدْلُ فِي الرَّهْنِ هَلْ يُوصِي بِهِ لِغَيْرِهِ؟ وَكَذَا وَكِيلُ الطَّلَاقِ.
(وَإِنْ كَانَتْ لِأَبٍ أَخَذَتْ سُدُسًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَوْ تَرَكَ دَارًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ وَرِثَتْهُ عَصَبَةٌ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَبَقِيَّتُهُمْ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الشَّرِيكِ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ مُوَرِّثٍ، فَإِنْ سَلَّمُوا فَلِلشَّرِيكِ الْأَخْذُ، وَإِنْ تَرَكَ أُخْتًا شَقِيقَةً وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ فَأَخَذَتْ الشَّقِيقَةُ النِّصْفَ وَأَخَذَتْ الْأُخْتَانِ لِلْأَبِ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَبَاعَهُ إحْدَى الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ، فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ الْأُخْتِ الْأُخْرَى لِلْأَبِ وَبَيْنَ الشَّقِيقَةِ إذْ هُمْ أَهْلُ سَهْمٍ، وَإِنْ بَاعَتْ الشَّقِيقَةُ فَاَللَّوَاتِي لِلْأَبِ أَحَقُّ مِنْ الْعَصَبَةِ، وَإِنْ بَاعَ الْعَصَبَةُ فَهُنَّ كُلُّهُنَّ فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَإِنْ بَاعَ جَمِيعُ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ فَالشَّقِيقَةُ أَحَقُّ مِنْ الْعَصَبَةِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا وَرِثَ الْجَدَّتَانِ السُّدُسَ فَبَاعَتْ إحْدَاهُمَا بِالشُّفْعَةِ لِصَاحِبَتِهَا دُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute