مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ (أَمَّا لِغَيْبَةِ شَفِيعِهِ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ أَوْ قَاضٍ عَنْهُ أَوْ تَرَكَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا) أَمَّا الْغَيْبَةُ وَالِاسْتِحْقَاقُ فَقِيلَ لِابْنِ الْمَوَّازِ: كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُحْدَثَ بِنَاءٌ فِي مُشَاعٍ؟ قَالَ: يَكُونُ قَدْ اشْتَرَى الْجَمِيعَ فَأَنْفَقَ وَبَنَى وَغَرَسَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَ ذَلِكَ مُشَاعًا أَوْ يَكُونُ شَرِيكُ الْبَائِعِ غَائِبًا فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي إلَى السُّلْطَانِ يَطْلُبُ الْقَسْمَ، وَالْقَسْمُ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ، ثُمَّ لَا يُبْطِلُ ذَلِكَ شُفْعَةَ الْغَائِبِ. وَأَمَّا الْكَذِبُ فِي الثَّمَنِ فَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي تُتَصَوَّرُ فِي بِنَاءِ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي كَذَبَ فِي الثَّمَنِ فَتَرَكَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ ثُمَّ قَاسَمَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ كَذِبَ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى الثَّمَنِ يُصَيِّرُهُ مُتَعَدِّيًا فِي بِنَائِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ بِنَاءِ الْغَاصِبِ.
(أَوْ حَطَّ مَا حُطَّ لِعَيْبٍ) . ابْنُ شَاسٍ: لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالشِّقْصِ عَيْبًا بَعْدَ أَخْذِهِ الشَّفِيعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَلَبُ أَرْشٍ، فَإِنْ رَدَّ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ رَدَّ هُوَ حِينَئِذٍ عَلَى الْبَائِعِ. وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ، إلَّا أَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ مِنْهُ مِنْ الرَّدِّ فَأَخَذَ أَرْشَهُ، فَذَلِكَ الْأَرْشُ مَحْطُوطٌ عَنْ الشَّفِيعِ قَوْلًا وَاحِدًا.
(أَوْ هِبَةٍ إنْ حُطَّ عَادَةً أَوْ أَشْبَهَ الثَّمَنَ عَادَةً) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَضَعَ عَنْهُ الْبَائِعُ تِسْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ أَوْ قَبْلَ نُظِرَ، فَإِنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الشِّقْصِ عِنْدَ النَّاسِ مِائَةَ دِرْهَمٍ إذَا تَغَابَنُوا بَيْنَهُمْ أَوْ اشْتَرَوْا بِغَيْرِ تَغَابُنٍ وُضِعَ ذَلِكَ عَنْ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ مَا أَظْهَرَا مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إنَّمَا كَانَ سَبَبًا لِقَطْعِ الشُّفْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ مِائَةً. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ ثَلَاثَمِائَةٍ أَوْ أَرْبَعَمِائَةٍ لَمْ يَحُطَّ الشَّفِيعُ شَيْئًا وَكَانَتْ الْوَضِيعَةُ هِبَةً لِلْمُبْتَاعِ. ابْنُ يُونُسَ: وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنْ حَطَّ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُحَطَّ فِي الْبُيُوعِ وُضِعَ ذَلِكَ عَنْ الشَّفِيعِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحَطُّ مِثْلُهُ فَهِيَ هِبَةٌ وَلَا يَحُطُّ عَنْ الشَّفِيعِ شَيْئًا. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ.
(وَإِنْ اسْتَحَقَّ الثَّمَنَ أَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَهَا رَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ بِيَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِ الشِّقْصِ وَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَعُهْدَتِهِ عَلَى الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ وَجَبَتْ لَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ.
قَالَ: فَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ ثُمَّ وَجَدَ بَائِعُ الشِّقْصِ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَيَأْخُذُ مِنْ الْمُبْتَاعِ قِيمَةَ الشِّقْصِ وَقَدْ مَضَى الشِّقْصُ لِلشَّفِيعِ بِشُفْعَتِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الَّذِي تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَسَدَ لِعَيْنِهِ وَالْعَيْبُ لَوْ رَضِيَهُ الْبَائِعُ لَتَمَّ. وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فَقَدْ مَضَتْ الدَّارُ لِلشَّفِيعِ وَرَجَعَ بَائِعُ الشِّقْصِ عَلَى مُبْتَاعِهِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ كَامِلًا، كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ فِيهِ مِنْ الشَّفِيعِ أَوْ أَقَلَّ، ثُمَّ لَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّفِيعِ إذْ الشُّفْعَةُ كَبَيْعٍ ثَانٍ.
(وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا بِحِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا فَاسْتُحِقَّتْ الْحِنْطَةُ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ مَنْ ابْتَاعَ الْحِنْطَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute