الْأَرْضَ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ وَالْآخَرُ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَهَذَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الِاسْتِغْلَالُ وَالِاسْتِخْدَامُ. الْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ التَّهَايُؤُ فِي الْأَعْيَانِ بِأَنْ يَسْتَخْدِمَ هَذَا عَبْدًا وَهَذَا عَبْدًا أَوْ يَزْرَعَ هَذَا أَرْضًا وَهَذَا أَرْضًا أَوْ يَسْكُنَ هَذَا دَارًا وَهَذَا دَارًا.
(شَهْرًا وَسُكْنَى دَارٍ سِنِينَ) . ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا التَّهَايُؤُ فِي الِاسْتِخْدَامِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ فِي الشَّهْرِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَكْثَرُ مِنْ الشَّهْرِ قَلِيلًا. أَمَّا التَّهَايُؤُ فِي الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ فَيَجُوزُ فِيهَا السِّنِينُ الْمَعْلُومَةُ وَالْأَجَلُ الْبَعِيدُ كَكِرَاءٍ لَهُمَا.
قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا مَأْمُونَةٌ إلَّا أَنَّ التَّهَايُؤَ إذَا كَانَ فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً مِمَّا يَجُوزُ فِيهَا النَّقْدُ (كَالْإِجَارَةِ) اُنْظُرْ إنْ كَانَ عَنَى بِهَذَا أَنَّ التَّهَايُؤَ فِي الْأَرْضِ يَكُونُ كَكِرَائِهَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّ التَّهَايُؤَ فِيهَا لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِي كِرَائِهِ فَانْظُرْ أَنْتَ مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: " كَالْإِجَارَةِ "، وَانْظُرْ أَيْضًا قَوْلَهُمْ: " إنَّهُ يَجُوزُ التَّهَايُؤُ فِي الِاسْتِخْدَامِ شَهْرًا " وَقَالُوا: إنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا مُعَيَّنًا يَعْمَلُ لَهُ بَعْدَ شَهْرٍ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ خُذْ حِمَارِي اعْمَلْ عَلَيْهِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَتَعْمَلُ لِي عَلَيْهِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فَلَوْ قَالَ اعْمَلْ عَلَيْهِ شَهْرًا لِنَفْسِك وَشَهْرًا لِي لَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ إنْ بَدَأَ بِالشَّهْرِ الَّذِي لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَقَدَ كِرَاءَ دَابَّةٍ يَرْكَبُهَا إلَى شَهْرٍ، فَإِنْ بَدَأَ بِالشَّهْرِ الَّذِي لِنَفْسِهِ جَازَ. اُنْظُرْ سَمَاعَ أَبِي زَيْدٍ فِي الْأَكْرِيَةِ.
(لَا فِي غَلَّةٍ وَلَوْ يَوْمًا) . ابْنُ الْمَوَّازِ: لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ بَيْنَكُمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تَقُولَ لَهُ مَا كَسَبَتْ الْيَوْمَ فَلِي وَمَا كَسَبَتْ غَدًا فَلَكَ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ قَالَ اسْتَخْدِمْهُ أَنْتَ الْيَوْمَ وَأَنَا غَدًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ شَهْرًا وَأَنَا شَهْرًا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ فِي الْكَسْبِ وَلَا يَوْمٌ وَاحِدٌ، وَقَدْ سَهَّلَهُ مَالِكٌ فِي الْيَوْمِ وَكَرِهَهُ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ انْتَهَى. اُنْظُرْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الرَّحَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ عَادَتُهُمْ أَنْ يَخْدُمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute