للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ قِيلَ: يَسْتَوْجِبُهَا، وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا لَجَازَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُسَمِّ السِّلْعَةَ وَلَا بَائِعَهَا.

وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: وَجَدْت سِلْعَةً مَرْجُوَّةً فَأَعْطِنِي قِرَاضًا أَبْتَاعُهَا بِهِ، فَفَعَلَ.

(وَبَيْعُهُ بِعَرَضٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: مُقْتَضَى قَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا بِجَوَازِ كَوْنِ الْعَامِلِ مُدِيرًا، وَقَوْلُهَا بِجَوَازِ زِرَاعَتِهَا حَيْثُ الْأَمْنُ جَوَازُ بَيْعِهِ الْعُرُوضَ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَلَا أَذْكُرُهُ نَصًّا إلَّا لِابْنِ شَاسٍ.

(وَرَدُّهُ بِعَيْبٍ) ابْنُ شَاسٍ: لِلْعَامِلِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ.

(وَلِلْمَالِكِ قَبُولُهُ إنْ كَانَ الْجَمِيعَ وَالثَّمَنُ عَيْنٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَة قَالَ مَالِكٌ: إذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ بِجَمِيعِ الْمَالِ عَبْدًا ثُمَّ رَدَّهُ بِعَيْبٍ فَرَضِيَهُ رَبُّ الْمَالِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ إنْ أَخَذَهُ كَذَلِكَ جَبَرَ مَا خَسِرَ فِيهِ بِرِبْحِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ: إنْ أَبَيْت فَاتْرُكْ الْقِرَاضَ وَاخْرُجْ؛ لِأَنَّكَ إنَّمَا تُرِيدُ رَدَّهُ وَتَأْخُذُ الثَّمَنَ فَكَانَ الْقِرَاضُ عَيْنًا بَعْدُ، فَإِمَّا أَنْ تَرْضَى بِذَلِكَ وَإِلَّا فَاتْرُكْ الْقِرَاضَ وَأَنَا أَقْبَلُهُ. قَالَ: وَلَوْ رَضِيَ الْعَامِلُ بِالْعَيْبِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ جَازَ، وَإِنْ حَابَى فَهُوَ مُتَعَدٍّ.

(وَمُقَارَضَةُ عَبْدِهِ وَأَجِيرِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُقَارِضَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ لِلْخِدْمَةِ إنْ كَانَ مِثْلَ الْعَبْدِ.

وَقَالَ سَحْنُونَ: لَيْسَ الْأَجِيرُ مِثْلَ الْعَبْدِ وَيَدْخُلُهُ فِي الْأَجِيرِ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ. ابْنُ يُونُسَ: مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ إذَا كَانَ الْأَجِيرُ مِثْلَ الْعَبْدِ، يُرِيدُ إذَا مَلَكَ جَمِيعَ خِدْمَتِهِ كَالْعَبْدِ وَيَكُونُ مَا اسْتَأْجَرَهُ فِيهِ يُشْبِهُ عَمَلَ الْقِرَاضِ مِثْلُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِيَتَّجِرَ لَهُ فِي السُّوقِ وَيَخْدُمَ فِي التِّجَارَةِ بِمِثْلِ هَذَا إذَا قَارَضَهُ لَمْ يَنْقُلْهُ مِنْ عَمَلٍ إلَى خِلَافِهِ، وَلَوْ كَانَ إنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ بِعَيْنِهِ مِثْلِ الْبِنَاءِ وَالْقِصَارَةِ فَنَقَلَهُ إلَى التِّجَارَةِ لَدَخَلَهُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ كَمَا قَالَ سَحْنُونَ (وَدَفَعَ مَالَيْنِ أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ) سَيَأْتِي أَنَّ هَذَا جَائِزٌ، وَسَوَاءٌ شَرَطَا كُلَّ مَالٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ شَرَطَا خَلْطًا أَمْ لَا، أَعْنِي إذَا كَانَا عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ.

(وَإِنْ بِمُخْتَلِفَيْنِ وَإِنْ شَرَطَا خَلْطًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ قَارَضْتَ رَجُلًا عَلَى النِّصْفِ فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ حَتَّى زِدْتَهُ مَالًا آخَرَ عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُمَا فَذَلِكَ جَائِزٌ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى النِّصْفِ وَالْآخَرُ عَلَى الثُّلُثِ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُمَا لَمْ يَجُزْ.

قَالَ سَحْنُونَ: وَيَجُوزُ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُمَا لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ مَعْلُومٍ. وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِ الْخَلْطِ وَإِنْ كَانَ عَلَى نِصْفٍ وَنِصْفٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إنْ كَانَا عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ جَازَ إنْ شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ مَالٍ عَلَى حِدَةٍ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ يُونُسَ: وَإِذَا شَرَطَ أَنْ يَخْلِطَهُمَا جَازَ، كَانَا عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ أَوْ جُزْأَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ مُسَمًّى مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مِائَتَيْنِ مِائَةً عَلَى الثُّلُثِ لِلْعَامِلِ وَمِائَةً عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُمَا، فَحِسَابُهُ أَنْ تَنْظُرَ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَثُلُثٌ صَحِيحٌ تَجِدُ ذَلِكَ سِتَّةً، فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ لِلْعُمَّالِ مِنْ رِبْحِ إحْدَى الْمِائَتَيْنِ نِصْفَهُ وَمِنْ الْأُخْرَى ثُلُثَهُ، فَخُذْ نِصْفَ السِّتَّةِ وَثُلُثَهَا وَذَلِكَ خَمْسَةٌ، وَلِرَبِّ الْمَالِ نِصْفُ رِبْحِ الْمِائَةِ الْوَاحِدَةِ وَثُلُثَيْ رِبْحِ الْأُخَرِ فَخُذْ لَهُ نِصْفَ السِّتَّةِ وَثُلُثَيْهَا وَذَلِكَ سَبْعَةٌ، فَيُجْمَعُ ذَلِكَ مَعَ الْخَمْسَةِ الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>