وَيُعْطِيَهُ بَهَائِمَ نَفْسِهِ وَكِلَاهُمَا يَنْتَفِعُ بِصَاحِبِهِ، وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كُلُّهُ قَرِيبٌ. وَقَدْ أَلْفَيْتُ الْقَوْمَ وَقَدْ شَدَّدُوا عَلَيْهِمْ فِي هَذَا وَهُمْ لَا بُدَّ فَاعِلُوهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَيَخْلِطُهُمَا إلَّا كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ " مَا فِي مِثْلِ هَذَا التَّشْدِيدِ مِنْ الْحَرَجِ فِي الدِّينِ. وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ أَنْ يُؤَاجِرَ الْخَيَّاطَ عَلَى خِيَاطَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْ الثِّيَابِ فِي السَّنَةِ، وَالْفَرَّانَ عَلَى خَبْزِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْخُبْزِ سَنَةً أَوْ أَشْهُرًا إذَا عَرَفَ عِيَالَ الرَّجُلِ وَمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ أَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ مِثْلَ هَذَا فِي الْحَمَّامِ إلَّا أَنَّ ابْنَ يُونُسَ رَجَّحَ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْخُبْزِ وَالْخِيَاطَةِ بِأَنَّ أَكْلَ النَّاسِ مَعْرُوفٌ وَالْخِيَاطَةُ قَرِيبٌ مِنْهُ قَالَ: بِخِلَافِ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ فِي الشَّهْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَدْ يَدْخُلُ كُلَّ يَوْمٍ.
قَالَ: فَالْمَنْعُ فِي الْحَمَّامِ هُوَ الصَّوَابُ. وَانْظُرْ أَيْضًا قَدْ قَالَ سَحْنُونَ: لَوْ حُمِلَتْ أَكْثَرُ الْإِجَارَاتِ عَلَى الْقِيَاسِ لَبَطَلَتْ، وَسُئِلَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عَنْ الْغَنَمِ الْمُؤَلَّفَةِ لِلتَّزْلِيلِ تَنْفَتِقُ الشَّبَكَةُ فَتَرْعَى الْغَنَمُ مَا حَوْلَهَا قَالَ: الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ لَا عَلَى أَصْحَابِ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ اسْتَأْجَرَهَا وَبَيَّتَهَا فِي أَرْضِهِ فَمَا جَنَتْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. وَانْظُرْ الْأَوْلَى فِي هَذَا الْبَابِ الدُّخُولُ عَلَى وَجْهِ الْمُكَارَمَةِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الشُّفْعَةِ لِمَ أَجَازَ مَالِكٌ الْهِبَةَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ مُسَمًّى؟ قَالَ: لِأَنَّهُ عَلَى وَجْهِ التَّفْوِيضِ فِي النِّكَاحِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ الْخَيَّاطِ الْمُخَالِطِ الَّذِي لَا يَكَادُ يُخَالِفُ مُسْتَعْمِلَهُ دُونَ تَسْمِيَةِ أَجْرٍ إذَا فَرَغَ رَاضَاهُ بِشَيْءٍ يُعْطِيهِ. ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ النَّاسَ اسْتَجَازُوا هَذَا كَمَا يُعْطِي الْحَجَّامَ وَفِي الْحَمَّامِ وَفِي الْمَنْعِ مِنْهُ حَرَجٌ وَغُلُوٌّ فِي الدِّينِ اهـ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ. وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ بَابَ الْإِجَارَةِ وَأَخَذَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ فَرَسًا عَلَى النِّصْفِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ اهـ.
وَنَقَلَ أَيْضًا فِي صَحِيحِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنْ يُقَالَ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَكَ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إذَا قَالَ بِعْهُ بِكَذَا فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَلَكَ أَوْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute