للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّرِيعَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى نِسْبَةِ الْحَظِّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ؟ فَأَجَابَ: قَدْ أَجَازَ مَا ذُكِرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، فَمَنْ عَمِلَ بِذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِلضَّرُورَةِ وَتَعَذَّرَ الْوَجْهُ الْآخَرُ فَيُرْجَى أَنْ يَجُوزَ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَرَأَيْتُ لَهُ فُتْيَا أُخْرَى قَالَ فِيهَا: وَيَجْرِي ذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي إجَارَةِ الْآخَرِ الْكُلِّيِّ الْحَاجِيِّ. وَسُئِلَ عَنْ إعْطَاءِ الْجِبَاحِ لِمَنْ يَخْدُمُهَا بِجُزْءٍ مِنْ غَلَّتِهَا قَالَ: هِيَ إجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ وَكَذَلِكَ فِي الْأَفْرَانِ والأرحي. وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَسْتَبِيحُ الْقِيَاسَ عَلَى الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ. وَحُكِيَ هَذَا عَنْ ابْنِ سِيرِينَ وَجَمَاعَةٍ وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ الْيَوْمَ عَمَلُ النَّاسِ فِي أُجْرَةِ الدَّلَّالِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ لِقِلَّةِ الْأَمَانَةِ وَكَثْرَةِ الْخِيَانَةِ كَمَا اعْتَذَرَ مَالِكٌ بِمِثْلِ هَذَا فِي إبَاحَةِ تَأْخِيرِ الْأُجْرَةِ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْأَكْرِيَاءَ رُبَّمَا لَا يُوَفُّونَ، فَعِنْدَ مَالِكٍ هَذَا ضَرُورَةُ إبَاحَةِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَالنَّاسُ مُضْطَرُّونَ لِهَذَا وَاَللَّهُ الْمُخَلِّصُ.

(وَعُجِّلَ إنْ عُيِّنَ) . ابْنُ عَرَفَةَ: الْعِوَضُ الْمُعَيَّنُ أَجْرًا كَشِرَائِهِ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ أَوْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنْ عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَتَشَاحَّا فِي النَّقْدِ وَلَمْ يَشْتَرِطَا شَيْئًا، فَإِنْ كَانَتْ سُنَّةُ الْكِرَاءِ بِالْبَلَدِ بِالنَّقْدِ جَازَ وَقَضَى بِنَقْدِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُنَّتُهُمْ بِالنَّقْدِ لَمْ يَجُزْ الْكِرَاءُ وَلَوْ عُجِّلَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِ النَّقْدَ. فِي الْعَقْدِ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ أَوْ حَيَوَانٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يُقْبَضَ إلَى شَهْرٍ، وَيُفْسَخُ ذَلِكَ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ وَكَانُوا يَكْرُونَ بِالنَّقْدِ وَبِالنَّسِيئَةِ وَأَبْهَمُوا الْكِرَاءَ، فَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ عَلَى التَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ لَا يُوجِبُ نَقْدَ ثَمَنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفًا أَوْ شَرْطًا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَنْقُدَ إنْ بِقَدْرِ مَا رَكِبَ أَوْ سَكَنَ بِخِلَافِ شِرَاءِ السِّلَعِ الْمُعَيَّنَةِ، هَذِهِ بِتَمَامِ عَقْدِ شِرَائِهَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَقْدُ ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهُ يَنْتَقِدُهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ نَقْدُ ثَمَنِهَا، وَالرُّكُوبُ وَالسُّكْنَى لَمْ يَنْقُدْهُ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْقُدَ إلَّا ثَمَنَ مَا قَبَضَ مِنْهُ، فَلَمَّا كَانَ عَقْدُ الْكِرَاءِ لَا يُوجِبُ انْتِقَادَ ثَمَنِهِ فَكَأَنَّهُمَا دَخَلَا فِي الْكِرَاءِ بِهَذِهِ الْمُعَيَّنَاتِ عَلَى التَّأْخِيرِ فَوَجَبَ فَسَادُ الْكِرَاءِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ اكْتَرَى مَا ذَكَرْنَا بِدَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ تَشَاحَّا فِي النَّقْدِ، فَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ بِالنَّقْدِ قَضَى بِنَقْدِهَا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ الْكِرَاءُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ تَعْجِيلَهَا فِي الْعَقْدِ.

(أَوْ بِشَرْطٍ) قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اسْتَأْجَرَ صَانِعًا عَلَى عَمَلٍ عُرِفَ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ فَسَأَلَهُ تَقْدِيمَ الْأُجْرَةِ وَهُوَ يَقُولُ: لَا أَعْمَلُهُ إلَّا إلَى شَهْرٍ لَا يَصْلُحُ تَقْدِيمُ أَجْرِهِ لَهُ حَتَّى يَبْدَأَ فِي عَمَلِهِ، فَإِنْ بَدَأَهُ قَدَّمَهُ لَهُ إنْ شَاءَ. ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>