إنْ ضَاعَتْ أَخْلَفْتهَا لَهُ، فَإِنْ ضَاعَتْ كَانَ لَكَ أَنْ تُخْلِفَهَا أَوْ تَدَعَ وَقَدْ لَزِمَتْكَ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَجُزْ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ إنْ آجَرَهُ يَرْعَى لَهُ غَنَمًا بِعَيْنِهَا سَنَةً وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ أَنَّ مَا هَلَكَ مِنْهَا أَوْ بَاعَهُ أَوْ ضَاعَ ذَلِكَ أَخْلَفَهُ جَازَ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَضَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ قِيلَ لِلْأَجِيرِ: أَوْفِ الْإِجَارَةَ وَخُيِّرَ رَبُّ الْغَنَمِ فِي خَلَفِ مَا ضَاعَ أَوْ تَرْكِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ آجَرَهُ عَلَى رِعَايَةِ مِائَةِ شَاةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ خَلَفَ مَا مَاتَ مِنْهَا وَلَهُ خَلَفُ مَا مَاتَ بِالْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَلَا بُدَّ مِنْ الشَّرْطِ فِيهَا.
وَقَالَ سَحْنُونَ: يَجُوزُ فِي الْمُعَيَّنَةِ مِنْ غَنَمٍ أَوْ دَنَانِيرَ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ خَلَفُ مَا هَلَكَ وَالْحُكْمُ يُوجِبُ خَلَفَ مَا هَلَكَ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَبِهِ أَقُولُ. ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ عِنْدِي أَصْوَبُ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهَا لَا تَتَعَيَّنُ لَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَى حَمْلِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ مَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطٍ خَلَفَهُ إنْ هَلَكَ وَالْحُكْمُ يُوجِبُ خَلَفَهُ، وَكَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ. الْبَاجِيُّ: لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَصْدِ زَرْعٍ مُعَيَّنٍ فَهَلَكَ فَقَالَ أَشْهَبُ: تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تَنْفَسِخُ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافٌ لِقَوْلِهِ إنْ تَعَذَّرَ الْحَرْثُ بِنُزُولِ الْمَطَرِ سَقَطَ الْأَجْرُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ تَعَذَّرَ الْحَرْثُ بِكَسْرِ الْمِحْرَاثِ أَوْ بِمَوْتِ الدَّابَّةِ لَمْ يَسْقُطْ أَجْرُهُ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: إنْ مَنَعَ أَجِيرَ الْبِنَاءِ أَوْ الْحَصَادِ أَوْ عَمَلٍ مَا مَطَرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا بِحِسَابِ مَا عَمِلَ مِنْ النَّهَارِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ كُلُّ الْأَجْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ: لَا يَدْخُلُ هَذَا الْخِلَافُ فِي نَوَازِلِ يُونُسَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ تَقَدَّرَ عِنْدَهُمْ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ وَنُزُولِ الْخَوْفِ اهـ. اُنْظُرْ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّهُ يُحْكَمُ بِالْعُرْفِ هَلْ يَكُونُ؟ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا صَدَّرْت بِهِ فَتْوَى شَيْخِي ابْنِ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يَغْرَمَ كِرَاءً إنْ أَفْسَدَتْ النَّصَارَى الْغَلَّةَ أَنَّ لَهُ شَرْطَهُ. وَمِنْ ابْنِ يُونُسَ: مَنْ بَعَثَ مَعَهُ بِخَادِمٍ يُبَلِّغُهَا مَوْضِعَهَا بِأَجْرٍ فَمَاتَتْ فَلَهُ الْإِجَارَةُ كُلُّهَا وَيَسْتَعْمِلُهَا فِي مِثْلِ هَذَا (كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ: وَكَذَلِكَ مَنْ آجَرَهُ يَرْعَى لَهُ غَنَمًا بِعَيْنِهَا (وَإِلَّا فَلَهُ الْخَلَفُ عَلَى آجِرِهِ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَوْ آجَرَهُ عَلَى رِعَايَةِ مِائَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute