وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ) اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " فِي دَمِ النِّفَاسِ وَتَقَطُّعِهِ وَمَنْعِهِ كَالْحَيْضِ " وَهَذِهِ هِيَ عِبَارَةُ التَّلْقِينِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا رَأَتْ الطُّهْرَ يَوْمًا وَالدَّمَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَاخْتَلَطَ هَكَذَا لَفَّقَتْ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ عِدَّةَ أَيَّامِهَا الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ وَأَلْغَتْ أَيَّامَ الطُّهْرِ ثُمَّ تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ اخْتَلَطَ عَلَيْهَا الدَّمُ فِي أَيَّامِ الِاسْتِظْهَارِ أَيْضًا لَفَّقَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ هَكَذَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَصِيرُ مُسْتَحَاضَةً بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْأَيَّامُ الَّتِي اسْتَظْهَرَتْ بِهَا هِيَ فِيهَا حَائِضٌ وَهِيَ مُضَافَةٌ إلَى الْحَيْضِ، رَأَتْ بَعْدَهَا دَمًا أَمْ لَا، إلَّا أَنَّهَا فِي أَيَّامِ الطُّهْرِ الَّتِي كَانَتْ تَلْغِيهَا تَتَطَهَّرُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ فِي خِلَالِ ذَلِكَ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَتُوطَأُ وَهِيَ فِيهَا طَاهِرٌ، وَلَيْسَتْ تِلْكَ الْأَيَّامُ بِطُهْرٍ تَعْتَدُّ بِهِ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الدَّمِ قَدْ ضُمَّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ فَجُعِلَ حَيْضَةً وَاحِدَةً.
قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَلَكِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَدَمٍ وَاحِدٍ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: أَمَّا فِي الْعِدَّةِ فَقَدْ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا رَأَتْ الدَّمَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ وَاغْتَسَلَتْ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ، ثُمَّ لِيَوْمٍ آخَرَ عَاوَدَهَا دَمٌ فَيُقَالُ لَهَا: هَذَا الدَّمُ مُضَافٌ إلَى الْأَوَّلِ فَلَا تَعْتَدُّ بِهَذَا الطُّهْرِ، وَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى الرَّجْعَةِ؟ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا: لَا يُجْبَرُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الدَّمُ كُلُّهُ مَحْكُومًا لَهُ بِحُكْمِ حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَعْتَدِ فِي طَلَاقِهِ إنَّمَا طَلَّقَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الدَّمِ وَلَا عِلْمَ بِرُجُوعِهِ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّسَالَةِ: " وَالِاسْتِبْرَاءُ فَبِنَفْسِ مَا تَرَى الدَّمَ صَارَتْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَلَا فَائِدَةَ لِلدَّمِ الثَّانِي قَالَ: يُقَالُ فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا حَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ رَأَتْ الطُّهْرَ فَبَاعَهَا فِيهِ، ثُمَّ لِيَوْمٍ آخَرَ عَاوَدَهَا دَمٌ فَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: هَذَا الدَّمُ مُضَافٌ إلَى الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ لَهَا حَيْضَةً.
(وَالْمُمَيَّزُ بَعْدَ طُهْرٍ ثُمَّ حَيْضٍ) . ابْنُ عَرَفَةَ: مَا مَيَّزَتْهُ مُسْتَحَاضَةٌ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ حَيْضٌ فِي الْعِبَادَةِ اتِّفَاقًا وَفِي الْعِدَّةِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا: فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إلَّا أَنْ تَرَى دَمًا لَا تَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ دَمُ حَيْضَةٍ فَتَدَعُ الصَّلَاةَ وَتَعْتَدُّ بِهِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَالنِّسَاءُ يَعْرِفْنَ ذَلِكَ بِلَوْنِهِ وَرِيحِهِ. (وَلَا تَسْتَظْهِرُ عَلَى الْأَصَحِّ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ دَامَ مَا مَيَّزَتْهُ الْمُسْتَحَاضَةُ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ. رَوَى مُحَمَّدٌ: لَا تَسْتَظْهِرُ وَلَا وَجْهَ لِهَذَا مِنْ النَّظَرِ، وَسُمِعَ عِيسَى تَسْتَظْهِرُ إنْ دَامَ بِصِفَةِ مَا يُسْتَنْكَرُ.
وَقَالَ أَصْبَغُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute