يُعَيِّنَ مَوْضِعَهَا.
(وَعَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا ثَلَاثًا أَوْ يُزَبِّلَهَا إنْ عُرِفَ) . ابْنُ عَرَفَةَ: شَرْطُ مَنْفَعَةٍ فِي الْأَرْضِ كَشَرْطِ نَقْدِ بَعْضِ كِرَائِهَا. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا عَلَى أَنْ يُحَرِّكَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَزْرَعَهَا فِي التَّحْرِيكِ الرَّابِعِ جَازَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ عَلَى أَنْ يُزَبِّلَهَا إنْ كَانَ الَّذِي يُزَبِّلَهَا بِهِ شَيْئًا مَعْرُوفًا. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ إذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً لِأَنَّ زِيَادَةَ الْحِرَاثَاتِ وَالتَّزْبِيلِ مَنْفَعَةٌ تَبْقَى فِي الْأَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ زَرْعُهَا فَيَصِيرُ كَالنَّقْدِ اشْتَرَطَهُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ.
(وَأَرْضٍ سِنِينَ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ: إنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ فِي الْأَرْضِينَ لِلسِّنِينَ الْكَثِيرَةِ جَائِزٌ مَأْمُونَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ (لِذِي شَجَرٍ بِهَا مُسْتَقْبَلَةً) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ اكْتَرَيْت أَرْضًا سِنِينَ مُسَمَّاةً فَغَرَسْت فِيهَا شَجَرًا فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَفِيهَا شَجَرُكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَكْتَرِيَهَا مِنْ رَبِّهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً. (وَإِنْ لِغَيْرِكَ) . اللَّخْمِيِّ: وَيَجُوزُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُكْرِيَهَا مِنْ غَيْرِ الْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ وَيُقَالُ لِلْمُكْتَرِي أَرْضِ الْمُكْتَرِي الْآخَرَ أَوْ اقْلَعْ شَجَرَكَ. وَمِنْ ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ اكْتَرَيْتهَا ثُمَّ أَكْرَيْتَهَا مِنْ غَيْرِك فَغَرَسَهَا ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْكِرَاءِ وَفِيهَا غَرْسُهُ فَلَكَ أَنْ تَكْتَرِيَهَا مِنْ رَبِّهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً، فَإِنْ أَرْضَاكَ الْغَارِسُ وَإِلَّا قَلَعَ غَرْسَهُ. ابْنُ يُونُسَ: وَإِنَّمَا جَازَ كِرَاؤُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُجْبِرَ الْغَارِسَ عَلَى قَلْعِ غَرْسِهِ بَعْدَ تَمَامِ كِرَائِهِ فَكَانَ الْمُكْتَرِي إنَّمَا دَخَلَ عَلَى أَنْ يَقْلَعَ عَنْهُ الْغَارِسُ غَرْسَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ الْأَرْضِ مَا كَانَ رَبُّهَا يَمْلِكُهُ، وَلَا يَسْتَطِيعُ الْغَارِسُ مُخَالَفَتَهُ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَمْرٍ مَعْرُوفٍ.
(لَا زَرْعٍ) . اللَّخْمِيِّ: إنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَفِي الْأَرْضِ زَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ وَلَا لِغَيْرِهِ أَنْ يَكْتَرِيَ إلَّا مَا بَعْدَ هَذَا الزَّرْعِ بِخِلَافِ الْغَرْسِ، وَثَالِثُ الْأَقْوَالِ الزَّرْعُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَغْرَمُ فِيهِ كِرَاءَ الْمِثْلِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ كَانَ مَوْضِعُ الشَّجَرِ زَرْعًا أَخْضَرَ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُكْرِيَهَا مَا دَامَ زَرْعُ هَذَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ وَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ الشَّجَرَ فَافْتَرَقَا إلَّا أَنْ يُكْرِيَهَا مِنْكَ إلَى تَمَامِ الزَّرْعِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قَالَ سَحْنُونَ: وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَأْمُونَةً يُرِيدُ فِي جَوَازِ النَّقْدِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِذَا انْقَضَتْ السُّنُونَ وَلِلْمُكْتَرِي فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ لَمْ يَجُزْ لِرَبِّ الْأَرْضِ شِرَاؤُهُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ زَرْعٍ أَخْضَرَ يُشْتَرَطُ مَعَ الْأَرْضِ فِي صَفْقَةٍ، وَكَذَلِكَ الْأُصُولُ بِثَمَرِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُبْتَاعُ كَانَ مَا أَبَّرَ مِنْ الثَّمَرَةِ أَوْ مَا ظَهَرَ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ لِلْبَائِعِ، وَإِذَا لَمْ تُؤَبَّرْ الثَّمَرَةُ وَلَمْ يَظْهَرْ الزَّرْعُ مِنْ الْأَرْضِ فَذَلِكَ لِلْمُبْتَاعِ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: الْأَشْبَهُ أَنْ يَجُوزَ لِرَبِّ الْأَرْضِ شِرَاءُ مَا فِيهَا مِنْ زَرْعٍ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ مِلْكٌ لَهُ فَصَارَ مَقْبُوضًا بِالْعَقْدِ، وَمَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ نَمَاءٍ إنَّمَا هُوَ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ لِكَوْنِهِ فِي أَرْضِهِ وَإِنَّمَا مُنِعَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِكَوْنِ ضَمَانِهَا مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أُصُولِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute