وَأَمَّا إنْ كَانَ الْهَدْمُ. كَثِيرًا فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الدَّارِ الْإِصْلَاحُ بِإِجْمَاعٍ وَهُوَ أَيْضًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَعِيبَ السُّكْنَى وَيَنْقُصَ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ وَلَا يُبْطِلَ شَيْئًا مِنْ الْمَنَافِعِ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ الدَّارُ مُبَلَّطَةً مُجَصَّصَةً فَيَذْهَبُ تَبْلِيطُهَا وَتَجْصِيصُهَا، فَهَذَا يَكُونُ الْمُكْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ أَوْ يَخْرُجَ إلَّا أَنْ يُصْلِحَ ذَلِكَ رَبُّ الدَّارِ، فَإِنْ سَكَتَ وَسَكَنَ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
الثَّانِي أَنْ يُبْطِلَ الْيَسِيرَ مِنْ مَنَافِعِ الدَّارِ كَالْبَيْتِ يَنْهَدِمُ مِنْهَا وَهِيَ ذَاتُ بُيُوتٍ فَهَذَا يَلْزَمُهُ السُّكْنَى يُحَطُّ مَا نَابَ الْبَيْتَ الْمُنْهَدِمَ مِنْ الْكِرَاءِ.
الثَّالِثُ أَنْ يُبْطِلَ أَكْثَرَ مَنَافِعِ الدَّارِ أَوْ مَنْفَعَةَ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ وَجْهُهَا أَوْ يَكْشِفُهَا بِانْهِدَامِ حَائِطِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَهَذَا يَكُونُ الْمُكْتَرِي فِيهِ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ أَوْ يَخْرُجَ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْكُنَ عَلَى أَنْ يُحَطَّ عَنْهُ مَا يَنُوبُ مَا انْهَدَمَ مِنْ الْكِرَاءِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ رَبُّ الدَّارِ فَيَجْرِي جَوَازُهُ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ انْتَهَى.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الرُّجُوعِ بِالْحِصَّةِ إذَا سَكَنَهُ مُكْرِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا سَكَنَ صَاحِبُ طَائِفَةٍ مِنْهَا فَقَالَ الْمُكْتَرِي: إنَّمَا أُعْطِيك حِصَّةً أَنَّ ذَلِكَ لَهُ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الرُّجُوعِ بِالْحِصَّةِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِسُلَّمٍ لِلْأَعْلَى سَكَنَهُ مُكْرِيهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا سَكَنَ صَاحِبُ الدَّارِ طَائِفَةً مِنْهَا فَقَالَ الْمُكْتَرِي إنَّمَا أُعْطِيكَ حِصَّةً أَنَّ ذَلِكَ لَهُ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الرُّجُوعِ بِالْحِصَّةِ لِعَطَشِ بَعْضِ الْأَرْضِ أَوْ غَرَقٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَغَرِقَ بَعْضُهَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَوْ عَطِشَ، فَإِنْ كَانَ اكْتَرَاهَا رَدَّ جَمِيعَهَا، وَإِنْ كَانَ تَافِهًا حُطَّ عَنْهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْكِرَاءِ.
(وَخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ كَهَطْلٍ فَإِنْ بَقِيَ فَالْكِرَاءُ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ كَالْهَطْلِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ، فَإِنْ سَكَنَ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ.
(كَعَطَشِ أَرْضِ صُلْحٍ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يُصَالِحُوا عَلَى الْأَرْضِ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ بِكِرَاءٍ، مِثْلُ أَرْضِ مِصْرَ فَغَرِقَتْ أَوْ عَطِشَتْ قَبْلَ الْحَرْثِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَتِمَّ زَرْعُهَا مِنْ الْعَطَشِ. وَأَمَّا أَرْضُ الصُّلْحِ الَّتِي صَالَحُوا عَلَيْهَا إذَا زَرَعُوا فَعَطِشَ زَرْعُهُمْ فَعَلَيْهِمْ خَرَاجُ أَرْضِهِمْ. قَالَ غَيْرُهُ: هَذَا إنْ كَانَ الصُّلْحُ وَظِيفَةً عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا إنْ صَالَحُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ خَرَاجًا مَعْرُوفًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ. ابْنُ يُونُسَ: وَأَمَّا أَرْضُ مِصْرَ إذَا عَطِشَتْ وُضِعَ الْكِرَاءُ عَنْ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهَا أَرْضُ عَنْوَةٍ أَكْرَاهَا السُّلْطَانُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا أَرْضُ الصُّلْحِ فَإِنْ كَانَ إنَّمَا صَالَحَهُمْ عَلَى أَنَّ عَلَى أَرْضِهِمْ خَرَاجًا فَالْأَمْرُ كَمَا لَوْ قَالَ الْغَيْرُ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُخَالِفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذَا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا صَالَحَهُمْ كَانَ عَلَى الْمُصَالَحِينَ خَرَاجًا لِمِلْكِهِمْ الْأَرْضَ كَمَا يُوصَفُ بِقَدْرِ أَكْسَابِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute