الْجُعْلِ وَلَا النَّقْدُ فِيهِ (مُشْتَرَطٍ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَنَقْدُهُ كَالْخِيَارِ.
(فِي كُلِّ مَا جَازَ فِيهِ الْإِجَارَةُ بِلَا عَكْسٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: كُلُّ مَا جَازَ فِيهِ الْجُعْلُ جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ، وَلَيْسَ كُلَّمَا جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ يَجُوزُ فِيهِ الْجُعْلُ. اُنْظُرْ بَسْطَ هَذِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: " جُعْلًا عُلِمَ ".
(وَلَوْ فِي الْكَثِيرِ إلَّا كَبَيْعِ سِلَعٍ) سَيَأْتِي مَعْنَى الْكَافِ عِنْدَ النَّصِّ بَعْدَ هَذَا. ابْنُ الْمَوَّازِ: يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْجُعْلُ عَلَى الشِّرَاءِ فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ.
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يَجُوزُ الْجُعْلُ فِي شِرَاءِ كَثِيرِ الثِّيَابِ بِخِلَافِ بَيْعِهَا (لَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا بِالْجَمْعِ) . ابْنُ يُونُسَ: حُكِيَ لَنَا عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ فِي مَنْعِ الْجُعْلِ عَلَى بَيْعِ كَثِيرِ السِّلَعِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَبِيعَ الْجَمِيعَ هَكَذَا الْعُرْفُ عِنْدَهُمْ. وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَنَّ مَا بَاعَ فَلَهُ قَدْرُهُ مِنْ الْإِجَارَةِ فَذَلِكَ جَائِزٌ. ابْنُ يُونُسَ: وَعَلَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ تَرَكَ بَقِيَّةَ الثِّيَابِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الثِّيَابَ إلَيْهِ فَيَجُوزُ. قَالَ: وَقَوْلُهُ فِي الْجُعْلِ عَلَى شِرَاءِ كَثِيرِ السِّلَعِ أَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا اشْتَرَى أُخِذَ بِحِسَابِهِ هَكَذَا الْعُرْفُ عِنْدَهُمْ أَيْضًا. وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا بِشِرَاءِ الْجَمِيعِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَالْجُعْلُ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
(وَفِي شَرْطِ مَنْفَعَةٍ لِلْجَاعِلِ قَوْلَانِ) . ابْنُ رُشْدٍ: اُخْتُلِفَ هَلْ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْجُعْلِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْجَاعِلِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ انْتَهَى. وَلَمْ يَنْقُلْ ابْنُ يُونُسَ إلَّا مَا نَصُّهُ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مَنْ جَعَلَ لِرَجُلٍ جُعْلًا عَلَى أَنْ يَرْقَى إلَى مَوْضِعٍ مِنْ الْجَبَلِ سَمَّاهُ لَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَا يَجُوزُ الْجُعْلُ إلَّا فِيمَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْجَاعِلُ، يُرِيدُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ. وَمِنْ ابْنِ عَاتٍ: لَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَانِّ مِنْ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ حَقِيقَتُهُ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْوَرَعِ الدُّخُولُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْجُعْلُ عَلَى حَلِّ الْمَرْبُوطِ وَالْمَسْحُورِ. اُنْظُرْ الْإِكْمَالَ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ» . وَانْظُرْ ابْنَ الْعَرَبِيِّ عِنْدَ تَكَلُّمِهِ عَلَى (وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ جُعْلُ مِثْلِهِ إنْ اعْتَادَهُ) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ.
(كَحَلِفِهَا بَعْدَ تَخَالُفِهِمَا) . ابْنُ الْحَاجِبِ: إنْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْجُعْلِ تَحَالَفَا وَوَجَبَ جُعْلُ الْمِثْلِ. ابْنُ عَرَفَةَ: تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ شَاسٍ وَالْأَظْهَرُ تَخْرِيجُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِهَا فِي الْقِرَاضِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ.
(وَلِرَبِّهِ تَرْكُهُ وَإِلَّا فَالنَّفَقَةُ) لَوْ قَالَ: " وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ جُعْلُ مِثْلِهِ إنْ اعْتَادَهُ وَإِلَّا فَالنَّفَقَةُ وَلِرَبِّهِ تَرْكُهُ " لَتَنَزَّلَ عَلَى مَا يَتَقَرَّرُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. وَمَنْ وَجَدَ آبِقًا فَطَلَبَ جُعْلًا عَلَى أَخْذِهِ فَقَالَ مَالِكٌ: إنْ لَمْ يَكُنْ شَأْنُهُ يَطْلُبُ الضَّوَالَّ فَلَا جُعْلَ لَهُ وَلَهُ نَفَقَتُهُ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إلَّا أَنْ يَتْرُكَهُ رَبُّهُ فَلَا يُلْزِمَهُ أَنْ يُعْطِيَ نَفَقَتَهُ.
(فَإِنْ أَفْلَتَ فَجَاءَ بِهِ آخَرُ فَلِكُلٍّ نِسْبَتُهُ) سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ جَعَلَ جُعْلًا لِرَجُلٍ عَلَى آبِقٍ فَانْقَلَبَ بِهِ فَأَفْلَتَ فَأَخَذَهُ آخَرُ فَأَتَى بِهِ: إنْ أَفْلَتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute