فَحُكْمُهُ أَنْ يُسْقَى بِهِ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى. وَهَذَا إذَا كَانَ إحْيَاؤُهُمْ مَعًا أَوْ إحْيَاءُ الْأَعْلَى قَبْلُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَهَذَا حُكْمُ النِّيلِ فَإِنْ أَحْيَا رَجُلٌ بِمَاءِ سَيْلٍ ثُمَّ أَتَى غَيْرُهُ فَأَحْيَا فَوْقَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْمَاءِ وَيَسْقِيَ قَبْلَ الْأَسْفَلِ الَّذِي أَحْيَا قَبْلَهُ وَذَلِكَ يُبْطِلُ عَمَلَ الثَّانِي وَيُتْلِفُ زَرْعَهُ فَقَالَ سَحْنُونَ: الْقَدِيمُ أَوْلَى بِالْمَاءِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بَدَأَ الْمَاءَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَاءَهُ وَيَحْبِسَهُ فِي أَرْضِهِ. وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ: اُنْظُرْ الْمَاءَ الْخَارِجَ مِنْ جَبَلِ شُلَيْرَ، نَصُّ الْأَشْيَاخِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَهْزُوزٍ وَمُذَيْنِبٍ، وَوَقَعَ لِابْنِ لُبٍّ فِي بَعْضِ فَتَاوِيهِ أَنَّ اتِّفَاقَ مَنْ اتَّفَقَ مِمَّنْ دَرَجَ عَلَى مَا يُخَالِفُ هَذَا الْأَصْلَ لَا يَلْزَمُ مَنْ بَعْدَهُمْ. وَوَقَعَ لَهُ أَيْضًا: السَّوَاقِي الْقَدِيمَةُ تَتَعَلَّقُ بِهَا حُقُوقُ الْمُنْتَفَعِينَ بِمَائِهَا وَتَصِيرُ الْحُقُوقُ مُمَلَّكَةً لَهُمْ بِطُولِ الْحِيَازَةِ، فَلَا يُسْمَحُ لِقَوْمٍ أَنْ يَرْفَعُوا سَاقِيَتَهُ فَوْقَ هَذِهِ السَّاقِيَةِ اهـ. وَانْظُرْ إنْ كَانَ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الْقَدِيمِ أَوْ لَا (وَأُمِرَ بِالتَّسْوِيَةِ) الْبَاجِيُّ: فَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْحَائِطِ أَعْلَى مِنْ بَعْضٍ فَقَالَ سَحْنُونَ: يُؤْمَرُ أَنْ يُعَدِّلَ أَرْضَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ عَلَى أَرْضِهِ كُلِّهَا إلَى الْكَعْبَيْنِ (وَإِلَّا فَكَحَائِطَيْنِ) الْبَاجِيُّ: فَإِنْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ سَقَى كُلَّ مَا كَانَ عَلَى حِدَتِهِ (وَقُسِمَ لِلْمُتَقَابَلَيْنِ) سَحْنُونَ: فَإِنْ كَانَ الْجِنَانَانِ مُتَقَابِلَيْنِ فِيمَا حُكْمُهُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَعْلَى فَلِلْأَعْلَى قَسْمُ الْمَاءِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَسْفَلُ مُقَابِلًا لِبَعْضِ الْأَعْلَى حُكِمَ لِمَا كَانَ أَعْلَى بِحُكْمِ الْأَعْلَى وَلِمَا كَانَ مُتَقَابِلًا بِحُكْمِ الْمُتَقَابِلِ (كَالنِّيلِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ نَافِعٍ بِهَذَا (وَإِنْ مُلِكَ أَوَّلًا قُسِمَ بِقِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ) الْبَاجِيُّ: أَمَّا مَا يُمْلَكُ أَصْلُهُ كَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ فَقَالَ سَحْنُونَ: يَقْتَسِمُونَ مَاءَهُمْ عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمْ بِالْقِلْدِ (وَأُقْرِعَ لِلتَّشَاحِّ فِي السَّبْقِ) الْبَاجِيُّ: وَلَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَيَأْخُذُ كُلُّ أَحَدٍ مَاءَهُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ، فَإِنْ تَشَاحُّوا فِي التَّبْدِئَةِ اسْتَهَمُوا عَلَى ذَلِكَ.
(وَلَا يُمْنَعُ صَيْدُ سَمَكٍ وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا كَانَ غَدِيرٌ أَوْ بِرْكَةٌ أَوْ بُحَيْرَةٌ فِي أَرْضِكَ وَفِيهَا سَمَكٌ، فَلَا يُمْنَعُ مَنْ يَصِيدُ فِيهَا مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: لَهُ مَنْعُ مَنْ يَصِيدُ فِيهَا. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا كَاخْتِلَافِهِمْ فِي الْمَعْدِنِ يَخْرُجُ فِي أَرْضِهِ. فَقَالَ سَحْنُونَ: هُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَمْرُهُ لِلْإِمَامِ كَاَلَّذِي يُوجَدُ فِي الْفَيَافِيِ فَهَذَا عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ طَرَحَهَا هُوَ فَوَلَدَتْ فَلَهُ مَنْعُهَا وَإِنْ كَانَ الْغَيْثُ أَجْرَاهَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا اهـ. جَمِيعُ مَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ. وَعَزَا قَوْلَ اللَّخْمِيِّ وَقَوْلَ سَحْنُونٍ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَخَذَ بِهِ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute