للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَاتَ الْمُحَبِّسُ أَوْ مَرِضَ أَوْ فَلِسَ فَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: كُلُّ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ نِحْلَةٍ أَوْ عُمْرَى أَوْ عَطِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ فِي الصِّحَّةِ يَمُوتُ الْمُعْطِي أَوْ يُفْلِسُ وَيَمْرَضُ قَبْلَ حَوْزِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ فَتُحَازُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُقْضَى لِلْمُعْطِي بِالْقَبْضِ إنْ مَنَعَهُ انْتَهَى.

وَانْظُرْ مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: أَمَّا مَا بَتَلَ فِي الْمَرَضِ فَلَا تُرَادُ فِيهِ الْحِيَازَةُ وَهُوَ نَافِذٌ مِنْ الثُّلُثِ إنْ مَاتَ، وَإِنْ صَحَّ نَفَذَ الْبَتْلُ كُلُّهُ إنْ كَانَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ فِي السَّبِيلِ أُمِرَ بِإِنْفَاذِ ذَلِكَ، رَاجِعْ أَوَّلَ تَرْجَمَةٍ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَةِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَأَمَّا حَوْزُ السَّفِيهِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي بُطْلَانِ قَبْضِ السَّفِيهِ مَا حُبِسَ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ وَصِحَّتُهُ: نَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ الْبُطْلَانَ عَنْ وَثَائِقِ الْبَاجِيِّ، وَنَقَلَ صِحَّتَهُ عَنْ سَحْنُونٍ مَعَ الْأَخَوَيْنِ قَالَ: وَنَزَلْت أَيَّامَ الْقَاضِي مُنْذَرِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيِّ فَشَاوَرَ فِيهَا فَأَجْمَعَ لَهُ الْجَمِيعُ مِنْ فُقَهَاءِ بَلَدِهِ بِصِحَّتِهِ إلَّا إِسْحَاقَ بْنَ إبْرَاهِيمَ أَفْتَى بِبُطْلَانِهِ فَحَكَمَ بِقَوْلِ الْجَمِيعِ. وَأَمَّا حَوْزُ وَلِيِّ الصَّغِيرِ فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ مَنْ وَهَبَ لِصَغِيرٍ هِبَةً وَجَعَلَ مَنْ يَحُوزُهَا لَهُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ وَتُرْضَى حَالُهُ فَتُدْفَعُ إلَيْهِ وَيُشْهِدُ لَهُ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ حَوْزٌ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ حَاضِرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، بِخِلَافِ غَيْرِ الصَّغِيرِ. قِيلَ: فَمَا الْفَرْقُ؟ قَالَ: إنَّمَا جَازَتْ لِلصَّغِيرِ خَوْفًا أَنْ يَأْكُلَهَا الْأَبُ وَيُفْسِدَهَا. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: مَنْ وَهَبَ عَبْدًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَلِأَجْنَبِيٍّ فَلَمْ يَقْبِضْ الْأَجْنَبِيُّ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَذَلِكَ كُلُّهُ بَاطِلٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ فَلَمْ يَقْبِضْ الْكِبَارُ الْحَبْسَ حَتَّى مَاتَ الْأَبُ أَنَّهُ يَبْطُلُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْكِبَارَ لَمْ يَقْبِضُوا الْحَبْسَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُعْرَفُ إنْفَاذُ الْحَبْسِ لِلصِّغَارِ هَاهُنَا إلَّا بِحِيَازَةِ الْكِبَارِ بِخِلَافِ مَا حُبِسَ عَلَى وَلَدِهِ وَهُمْ صِغَارٌ كُلُّهُمْ، هَذَا إنْ مَاتَ كَانَ الْحَبْسُ لَهُمْ جَائِزًا. وَأَمَّا حَوْزُ كَمَسْجِدٍ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: الْحَبْسُ أَصْنَافٌ: صِنْفٌ لَا يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِ الْمُحَبِّسِ عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حَائِزٍ مَخْصُوصٍ وَهِيَ الْمَسَاجِدُ وَالْقَنَاطِرُ وَالْمَآجِلُ وَالْآبَارُ وَإِذَا خَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا صَحَّ حَبْسُهُ (إلَّا لِمَحْجُورِهِ إذَا أَشْهَدَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا تَكُونُ الْأُمُّ حَائِزَةً لِمَا تَصَدَّقَتْ أَوْ وَهَبَتْ لِصِغَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>