للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثْلُهُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا وَلَدَتْ بَقَرَاتٌ حُبِسَتْ يُقْسَمُ لَبَنُهَا فِي الْمَسَاكِينِ مِنْ أُنْثَى حُبِسَتْ مَعَهَا وَيُحْبَسُ وَلَدُهَا الذَّكَرُ لِنَزْوِهَا، وَمَا فَضَلَ مِنْ ذُكُورِهَا وَمَا كَبُرَتْ مِنْ أُنْثَى فَذَهَبَ لَبَنُهَا بِيعَا وَرُدَّ ثَمَنُهُمَا فِي إنَاثٍ أَوْ فِي عُلُوفَتِهَا. ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ مَا ضَعُفَ مِنْ دَوَابِّ حَبْسِ السَّبِيلِ أَوْ بَلِيَ مِنْ ثِيَابِهِ فَذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ بِيعَ وَرُدَّ مِنْ ثَمَنِ الدَّوَابِّ فِي خَيْلٍ، فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ ثَمَنَ فَرَسٍ أَوْ هَجِينٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ أُعِينَ بِهِ فِي ثَمَنِ فَرَسٍ وَرُدَّ ثَمَنُ الثِّيَابِ فِي ثِيَابٍ، فَإِنْ قَصُرَ مِنْ ثَمَنِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ فُرِّقَ فِي السَّبِيلِ.

(لَا عَقَارٌ وَإِنْ خَرِبَ) ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا: يُمْنَعُ بَيْعُ مَا خَرِبَ مِنْ رَبْعِ الْحَبْسِ مُطْلَقًا.

قَالَ ابْنُ الْجَهْمِ: إنَّمَا لَمْ يُبَعْ الرَّبْعُ الْمُحَبَّسُ إذَا خَرِبَ؛ لِأَنَّهُ يَجِدُ مَنْ يُصْلِحُهُ بِإِجَارَتِهِ سِنِينَ فَيَعُودُ كَمَا كَانَ. ابْنُ رُشْدٍ: وَفِيهَا لِرَبِيعَةَ أَنَّ الْإِمَامَ يَبِيعُ الرَّبْعَ إذَا رَأَى ذَلِكَ لِخَرَابِهِ وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ اهـ. مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ ثُمَّ قَالَ: فِي جَوَازِ الْمُنَاقَلَةِ لِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ قَوْلَا الشَّيْخِ فِي رِسَالَتِهِ وَابْنِ شَعْبَانَ. وَعِبَارَةُ الرِّسَالَةِ: وَلَا يُبَاعُ الْحَبْسُ وَإِنْ خَرِبَ ثُمَّ قَالَ: وَاخْتُلِفَ فِي الْمُعَاوَضَةِ بِالرَّبْعِ الْخَرِبِ بِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِطْعَةُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُحَبَّسَةِ انْقَطَعَتْ مَنْفَعَتُهَا جُمْلَةً وَعَجَزَ عَنْ عِمَارَتِهَا وَكِرَائِهَا، فَلَا بَأْسَ بِالْمُعَاوَضَةِ فِيهَا بِمَكَانٍ يَكُونُ حَبْسًا مَكَانَهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ بِحُكْمٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ السَّبَبِ وَالْغِبْطَةُ فِي ذَلِكَ لِلْعِوَضِ عَنْهُ وَيُسَجَّلُ ذَلِكَ وَيُشْهَدُ بِهِ اهـ. وَانْظُرْ مَنْ عَهِدَ بِمَالٍ لِيُشْتَرَى بِهِ مِلْكٌ فَيُحْبَسُ لَيْسَ هَذَا الْحَبْسُ كَمَنْ يَشْتَرِي مِلْكًا لِنَفْسِهِ فَحَبَسَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا اشْتَرَى الْحَبْسَ لِلْإِيصَاءِ إلَيْهِ بِذَلِكَ فَلَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَتَحْبِيسُهُ إنَّمَا هُوَ إعْلَامٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى مِنْ مَالِ الْمُوصِي عَلَى مَا أَوْصَى بِهِ إلَيْهِ، هَكَذَا فِي نَوَازِلِ عِيَاضٍ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ. وَانْظُرْ أَيْضًا مِنْ بَابِ بَيْعِ مَا اشْتَرَى مِنْ وَفْرِ فَوَائِدِ أَحْبَاسِ الْمَسَاجِدِ إذَا اُحْتِيجَ لِبَيْعِهِ، وَانْظُرْ فِي النَّوَازِلِ الْمَذْكُورَةِ قَدْ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ مَا يُعَارِضُ هَذَا.

(وَنَقْضٌ) الزَّاهِي: لَا يُبَاعُ نَقْضُ الْمُحَبَّسِ، وَأَجَازَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بَيْعَهُ وَلَا أَقُولُهُ.

وَفِي الطُّرَرِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْغَفُورِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَوَاضِعِ الْمَسَاجِدِ الْخَرِبَةِ؛ لِأَنَّهَا وَقْفٌ، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ نَقْضِهَا إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ لِلضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ، وَتَوْقِيفُهُ لَهَا إنْ رُجِيَ عِمَارَتُهَا أَمْثَلُ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ عِمَارَتُهَا بِيعَ وَأُعِينَ بِثَمَنِهَا فِي غَيْرِهِ أَوْ صُرِفَ النَّقْضُ إلَى غَيْرِهِ وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ إنْ فُقِدَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ وَلَمْ تُرْجَ لَهُ عِمَارَةٌ أَنَّهُ يُبَاعُ أَصْلُهُ وَيُنْفَقُ فِي أَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إلَيْهِ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا قِيلَ فِي الْفَرَسِ الْمُحَبَّسِ يَكْلَبُ، وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ أَنَّهُ يُؤْخَذُ نَقْضُهُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَيُتْرَكُ مَا يَكُونُ عَلَمًا لَهُ لِئَلَّا يُدْرَسَ أَثَرُهُ. وَنَحْوُهُ حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

قَالَ الْمُوَثَّقُ: جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِبَيْعِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْمُشَاوِرُ فِي شِقْصٍ مُحَبَّسٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ يُبَاعُ الْجَمِيعُ وَيُشْتَرَى مَا يَقَعُ مِنْهُ لِلْحَبْسِ مِثْلُ مَا بِيعَ فِيهِ فَيَكُونُ صَدَقَةً مُحَبَّسَةً مُسَبَّلَةً كَمَا سَبَّلَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>