فِي ذَلِكَ إذَا وَهَبَهُ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ دَنَانِيرِهِ. وَأَمَّا إذَا خُتِمَ عَلَيْهَا أَوْ أَمْسَكَهَا عِنْدَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَبْطُلُ. زَادَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَإِنْ خَتَمَ عَلَيْهَا الشُّهُودُ وَالْأَبُ. وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمِصْرِيُّونَ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا مَا لَا يَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ فِيهَا حِيَازَةٌ مَعَ بَقَائِهَا بِيَدِ الْمُعْطِي كَاَلَّتِي لَمْ يُخْتَمْ عَلَيْهَا.
وَفِي الْمُوَازِيَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ وَحَازَهَا غَيْرُهُ ثُمَّ تَسَلَّفَهَا ثُمَّ مَاتَ فَذَلِكَ بَاطِلٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَهُ دِينَارًا ثُمَّ قَبَضَهُ أَوْ عَبْدًا ثُمَّ بَاعَهُ وَهُوَ بِيَدِهِ هَذَا نَافِذٌ.
(وَدَارَ سُكْنَاهُ إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا وَيُكْرِيَ لَهُ الْأَكْثَرَ وَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ بَطَلَ فَقَطْ وَالْأَكْثَرُ بَطَلَ الْجَمِيعُ) الْمُتَيْطِيُّ: شَرْطُ صَدَقَةِ الْأَبِ عَلَى صِغَارِ بَنِيهِ بِدَارِ سُكْنَاهُ إخْلَاؤُهَا مِنْ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَثِقَلِهِ وَمُعَايَنَتُهَا الْبَيِّنَةَ فَارِغَةً مِنْ ذَلِكَ وَيُكْرِيهَا لَهُمْ.
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ حَبَسَ عَلَى صِغَارِ وَلَدِهِ دَارًا أَوْ وَهَبَهَا لَهُمْ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِمْ فَحَوْزُهُ لَهُمْ حَوْزٌ إلَّا أَنْ يَسْكُنَهَا أَوْ جُلَّهَا حَتَّى مَاتَ فَيَبْطُلُ جَمِيعُهَا. وَإِنْ سَكَنَ مِنْ الدَّارِ الْكَبِيرَةِ ذَاتِ الْمَسَاكِنِ أَقَلَّهَا وَأَكْرَى لَهُمْ بَاقِيهَا نَفَذَ لَهُمْ ذَلِكَ فِيمَا سَكَنَ وَفِيمَا لَمْ يَسْكُنْ، وَلَوْ سَكَنَ الْجُلُّ وَأَكْرَى لَهُمْ الْأَقَلَّ بَطَلَ الْجَمِيعُ.
وَقَالَ فِي النُّكَتِ: أَحْفَظُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا: إذَا سَكَنَ أَبُو الْأَصَاغِرِ شَيْئًا أَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إنْ سَكَنَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ بَطَلَ الْجَمِيعُ، وَلَوْ سَكَنَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ صَحَّ لَهُمْ مَا سَكَنَ وَمَا لَمْ يَسْكُنْ.
وَإِذَا سَكَنَ الْقَلِيلَ وَأَبْقَى الْكَثِيرَ خَالِيًا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى يُكْرِيَهَا لِلْأَصَاغِرِ لِأَنَّ تَرْكَهُ لِكِرَائِهِ مَنْعٌ لَهُ فَكَأَنَّهُ أَبْقَاهُ لِنَفْسِهِ فَذَلِكَ كَانْتِقَالِهِ إيَّاهُ لِسُكْنَاهُ. عِيَاضٌ: وَهَذَا صَحِيحٌ مِنْ النَّظَرِ ظَاهِرٌ مِنْ لَفْظِ الْكِتَابِ. اُنْظُرْ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِنِصْفِ دَارِهِ أَوْ بِنِصْفِ غَنَمِهِ وَتَرَكَ بَقِيَّةَ ذَلِكَ مِلْكًا لِنَفْسِهِ شَرِيكًا لَهُ بِهِ جَازَ وَهُوَ حَوْزٌ لَهُ.
ابْنُ سَهْلٍ: فِي هَذَا السَّمَاعِ جَوَازُ هِبَةِ الْمُشَاعِ وَإِنْ بَقِيَ لِلْوَاهِبِ سَائِرُ الْمَوْهُوبِ مِنْهُ. وَمِثْلُهُ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَكَذَلِكَ فِي صَدَقَةِ الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي آخِرِ الشُّفْعَةِ أَيْضًا. وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ.
وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: جَرَى الْعَمَلُ بِجَوَازِ الصَّدَقَةِ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعَ الْمُتَصَدِّقِ قَالَ: وَيَكْتُبُ فِي ذَلِكَ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الْمَالِكِ أَمْرَهُ وَتَوَلَّى الِابْنُ الْمَذْكُورُ قَبْضَ الصَّدَقَةِ مِنْ أَبِيهِ وَنَزَلَ فِيهَا مَعَ أَبِيهِ عَلَى الْإِشَاعَةِ مَنْزِلَةَ أَبِيهِ، وَعَزَا هَذَا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَعْنِي جَوَازَ هِبَةِ الْمُشَاعِ إذَا عَمَّرَ مَعَ الْمُتَصَدِّقِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إذَا وَهَبَ الرَّجُلُ جُزْءًا مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ عَلَى الْإِشَاعَةِ لِمَحْجُورِهِ، جَازَ حَاشَى مَا سَكَنَ مِنْ الدَّارِ أَوْ لَبِسَ مِنْ الثِّيَابِ إلَّا الطَّعَامَ وَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ حَتَّى يُخْرِجَهُ مِنْ يَدِهِ.
قَالَ ابْنُ زَرْبٍ: إنْ كَانَ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ تَبَعًا لِمَا جَازَ فَالْجَمِيعُ نَافِذٌ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا عِنْدِي لِأَنَّهَا أَنْوَاعٌ، وَلَا يُجْعَلُ الْأَقَلُّ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ إلَّا فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ، وَمِنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ: إذَا حَالَ الْخَوْفُ قَبْلَ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَيْهَا.
(وَجَازَتْ الْعُمْرَى) ابْنُ عَرَفَةَ: الْعُمْرَى تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ حَيَاةَ الْمُعْطَى بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَحُكْمُهَا النَّدْبُ وَيَتَعَذَّرُ عُرُوضُ وُجُوبِهَا (كَأَعْمَرْتُكَ) الْبَاجِيُّ: صِيغَةُ الْعُمْرَى مَا دَلَّ عَلَى هِبَةِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الرَّقَبَةِ كَأَسْكَنْتُكَ