للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ الثَّوَابِ عِنْدَ الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ (وَلَزِمَ بِتَعْيِينِهِ) . ابْنُ رُشْدٍ: وَهِبَةُ الثَّوَابِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَهَبَ عَلَى ثَوَابٍ يَرْجُوهُ وَلَا يُسَمِّيه وَلَا يَشْتَرِطُهُ، فَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَنِكَاحِ التَّفْوِيضِ. وَالثَّانِي أَنْ يَهَبَ عَلَى ثَوَابٍ يَشْتَرِطُهُ وَلَا يُسَمِّيهِ فَقِيلَ إنَّهُ كَالْهِبَةِ الَّتِي يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ. قَالَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: هَذَا غَرَرٌ لِأَنَّهُ بَاعَ سِلْعَةً بِقِيمَتِهَا.

الثَّالِثُ: أَنْ يَهَبَ عَلَى ثَوَابٍ يَشْتَرِطُهُ وَيُسَمِّيهِ فَهُوَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَيُسَمِّيه فِيهَا، وَلَوْ قَالَ فَهُوَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ كَانَ أَوْلَى. الْبَاجِيُّ: مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الثَّمَنِ أَنْ يَبِيعَهُ السِّلْعَةَ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِمَا يُعْطَى فِيهَا، وَلَوْ قَالَ بِعْتُكهَا بِمَا شِئْتَ ثُمَّ سَخِطَ مَا أَعْطَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَعْطَاهُ الْقِيمَةَ لَزِمَهُ. الْبَاجِيُّ: حَمَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ هَذَا عَلَى الْمُكَارَمَةِ كَهِبَةِ الثَّوَابِ، وَاعْتَبَرَ مُحَمَّدٌ لَفْظَ الْبَيْعِ فَمَنَعَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ كَهِبَةِ الثَّوَابِ فَجَعَلَ لِلَّفْظِ تَأْثِيرًا.

الْمُتَيْطِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَهَبَ الْأَبُ دَارَ ابْنِهِ الْمَحْجُورِ لِلثَّوَابِ وَيَكْتُبَ فِي ذَلِكَ " وَهَبَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ دَارَ ابْنِهِ لِمَا رَجَاهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لَهُ عَلَى سُنَّةِ الْهِبَةِ لِلثَّوَابِ وَرَضِيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِهَذِهِ الْهِبَةِ وَقَبِلَهَا وَالْتَزَمَ الثَّوَابَ فِيهَا وَصَارَتْ بِيَدِهِ ". وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِالْخِيَارِ بَعْدَ الْقَبْضِ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ أَوْ يَرُدُّ مَا لَمْ تُفْتِ (وَصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ إنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَا وَهَبْتَ لِقَرَابَتِكَ أَوْ ذَوِي رَحِمِكَ وَعَلَى أَنَّكَ أَرَدْتَ ثَوَابًا فَذَلِكَ لَكَ إنْ أَثَابُوكَ وَإِلَّا رَجَعْتَ فِيهَا، وَمَا عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لِثَوَابٍ كَصِلَتِكَ لِفَقْرِهِمْ وَأَنْتَ غَنِيٌّ فَلَا ثَوَابَ لَك وَلَا تُصَدَّقُ أَنَّكَ أَرَدْتَهُ وَلَا رُجُوعَ لَكَ فِي هِبَتِكَ، وَكَذَلِكَ هِبَةُ غَنِيٍّ لِأَجْنَبِيٍّ فَقِيرٍ أَوْ فَقِيرٍ لِفَقِيرٍ ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ الثَّوَابَ وَلَا يُصَدَّقُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي أَصْلِ هِبَتِهِ ثَوَابًا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِي هِبَتِهِ (وَإِنْ لِعُرْسٍ) الْبَاجِيُّ: مَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِبَلَدِنَا مِنْ إهْدَاءِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ الْكِبَاشَ وَغَيْرَهَا عِنْدَ النِّكَاحِ. فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: إنَّ ذَلِكَ عَلَى الثَّوَابِ وَبِذَلِكَ رَأَيْتَ الْقَضَاءَ بِبَلَدِنَا.

قَالَ: لِأَنَّ ضَمَائِرَ الْمُهْدِي وَالْمُهْدَى

<<  <  ج: ص:  >  >>