عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ عَلَى إبِلٍ قَدْ كَانَ رَبُّهَا أَسْلَمَهَا أَوْ عَلَى بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ مَتَاعٍ أُكْرِيَ فَحَمَلَهُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ بِأَمْرِ سُلْطَانٍ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَلَيْسَ لِرَبِّ ذَلِكَ أَخْذُهُ حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا أَنْفَقَ فَيَأْخُذَهُ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رُهُونِهَا الْمُنْفِقُ عَلَى الضَّالَّةِ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ نَفَقَتَهُ.
(وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَهَا فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ بِيعَتْ اللُّقَطَةُ بَعْدَ السَّنَةِ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إنْ جَاءَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ بِيعَتْ دُونَ أَمْرِ الْإِمَامِ، وَلِرَبِّهَا أَخْذُ الثَّمَنِ مِمَّنْ قَبَضَهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الدَّوَابِّ إذَا بِيعَتْ. ابْنُ يُونُسَ: وَجَعَلَ أَشْهَبُ بَيْعَ الثِّيَابِ بَعْدَ السَّنَةِ دُونَ أَمْرِ الْإِمَامِ تَعَدِّيًا وَجَعَلَهُ يَنْقُضُ الْبَيْعَ فِي الدَّوَابِّ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «فَشَأْنُك بِهَا» فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا أَبْيَنُ.
(بِخِلَافِ لَوْ وَجَدَهَا بِيَدِ الْمِسْكِينِ أَوْ مُبْتَاعٍ مِنْهُ فَلَهُ أَخْذُهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا تَصَدَّقَ بِاللُّقَطَةِ بَعْدَ السَّنَةِ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا، فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِ الْمِسْكِينِ فَلَهُ أَخْذُهَا، فَإِنْ أَكَلَهَا الْمَسَاكِينُ فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُمْ لِأَنَّهُ قِيلَ فِي اللُّقَطَةِ يُعَرِّفُهَا سَنَةً ثُمَّ شَأْنُهُ بِهَا بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ يَأْكُلُ الْهِبَةَ ثُمَّ تُسْتَحَقُّ هَذَا لِرَبِّهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ؛ ابْنُ يُونُسَ: إنْ تَصَدَّقَ بِهَا بَعْدَ أَنْ الْتَزَمَ قِيمَتَهَا لِرَبِّهَا فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ. أَنْ يُلْزِمَهُ مَا الْتَزَمَ أَوْ يَأْخُذَهَا مِنْ يَدِ الْمَسَاكِينِ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا تَعَدِّيًا أَوْ عَنْ رَبِّهَا فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا أَخْذُهَا، وَإِنْ فَاتَتْ فِي الْوَجْهَيْنِ لَزِمَ مُلْتَقِطَهَا قِيمَتُهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ وُجِدَتْ بِيَدِ مَنْ ابْتَاعَهَا مِنْ الْمَسَاكِينِ فَلَهُ أَخْذُهَا ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ.
ابْنُ يُونُسَ: جَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ لِرَبِّهَا نَقْضَ الْبَيْعِ الَّذِي بَاعَهُ الْمَسَاكِينُ لَهَا وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ بَيْعِ الْمُلْتَقِطِ لَهَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ بَاعَهَا خَوْفًا مِنْ ضَيَاعِهَا وَأَوْقَفَ لَهُ ثَمَنَهَا فَلَمْ يُنْقَضْ بَيْعُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَشَأْنُك بِهَا» وَالْمَسَاكِينُ إنَّمَا بَاعُوهَا عَلَى أَنَّهَا مِلْكٌ لَهُمْ فَلِمُسْتَحِقِّهَا نَقْضُ بَيْعِهِمْ كَنَقْضِهِ بَيْعَ الْمُشْتَرِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ، ابْنُ يُونُسَ: فَإِذَا أَخَذَهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَسَاكِينِ إنْ كَانَ قَائِمًا بِأَيْدِيهِمْ كَمَا كَانَ لِرَبِّهَا أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَهَا مِنْهُمْ، وَإِنْ أَكَلُوهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ الَّذِي سَلَّطَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَكَلُوهَا، وَانْظُرْ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ أَعْنِي فِي رُجُوعِ الْإِنْسَانِ فِي عَيْنِ مَالِهِ فَإِنْ فَاتَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ: مَنْ أَثَابَ مِنْ صَدَقَةٍ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ، وَمَنْ رَدَّ مَا تَسَلَّفَهُ بِأَرْضِ الْحَرْبِ، وَمَنْ اشْتَرَى حَاجَةً لِغَيْرِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ، أَوْ دَفَعَ ثَوْبًا أَرْفَعَ مِمَّا بَاعَ غَلَطًا أَوْ بَاعَ مُرَابَحَةً ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ غَلِطَ، وَمَا أَصَابَ الْخَوَارِجُ مِنْ الْأَمْوَالِ ثُمَّ تَابُوا، وَمَنْ دَفَعَ كَفَّارَةً أَوْ زَكَاةً لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَمَنْ عَلَيْهِ نِصْفُ عُشْرٍ فَأَخْرَجَ الْعُشْرَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي عَيْنِ ذَلِكَ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ إنْ تَلِفَ.
قَالَ الصَّائِغُ: وَإِنْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ آخَرُ فَلَا يُحَاسِبُ بِقَدْرِ مَا زَادَ جَهْلًا (وَلِلْمُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ إنْ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا إلَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لِلْمُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي عَيْنِهَا إنْ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ تَصَدَّقَ عَنْ نَفْسِهِ.
وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ: إنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا مِنْ الْمَسَاكِينِ أَوْ قِيمَتِهَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى الْمَسَاكِينِ بِشَيْءٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute