ظَهَرَ وَهُوَ الَّذِي يُتَعَبَّدُ بِهِ وَلَا يُنْقَلُ الْبَاطِلُ عِنْدَ مَنْ عَلِمَهُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْلِيلٍ أَوْ تَحْرِيمٍ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} [البقرة: ١٨٨] وَفِي الْحَدِيثِ «لَعَلَّ بَعْضَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ» وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْأَمْوَالِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي حَلِّ عِصْمَةِ النِّكَاحِ أَوْ عَقْدِهَا بِظَاهِرِ مَا يَقْضِي بِهِ الْحُكْمُ، وَهَذَا خِلَافُ الْبَاطِنِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّ الْأَمْوَالَ وَالْفُرُوجَ سَوَاءٌ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: إنَّ ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً، فَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَعَمَّدَا الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَقَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا لِظَاهِرِ عَدَالَتِهِمَا عِنْدَهُ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي شَهَادَتِهِ وَاحْتَجُّوا بِحُكْمِ اللِّعَانِ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: إنَّمَا الْقَضَاءُ إظْهَارُهُ لِحُكْمِ الشَّرْعِ لَا اخْتِرَاعٌ لَهُ، فَلَا يَحِلُّ لِلْمَالِكِيِّينَ شُفْعَةُ الْجَارِ إنْ قَضَى لَهُ بِهَا الْحَنَفِيُّ. وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هَكَذَا قَالُوا. ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " هَكَذَا قَالُوا " أَنَّ الْمَذْهَبَ هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ رَاجِعْهُ فِيهِ.
(وَنَقْلُ مِلْكٍ أَوْ فَسْخُ عَقْدٍ أَوْ تَقَرُّرُ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ حُكْمٌ) ابْنُ شَاسٍ: مَا قَضَى بِهِ الْحَاكِمُ مِنْ نَقْلِ الْأَمْلَاكِ وَفَسْخِ الْعُقُودِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ حُكْمًا، فَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ تَأْثِيرُ الْقَاضِي فِي الْحَوَادِثِ أَكْثَرَ مِنْ إقْرَارِهَا لِمَا رُفِعَتْ إلَيْهِ مِثْلُ أَنْ يُرْفَعَ إلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَأَقَرَّهُ وَأَجَازَهُ ثُمَّ عُزِلَ وَجَاءَ غَيْرُهُ، فَهَذَا مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: طَرِيقُهُ طَرِيقُ الْحُكْمِ وَإِمْضَاؤُهُ وَالْإِقْرَارُ عَلَيْهِ كَالْحُكْمِ بِإِجَازَتِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى نَقْضِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ. اللَّخْمِيِّ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute