للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ شَافَهَ الْقَاضِي قَاضِيًا آخَرَ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلَا يَنْفَعُ سَمَاعُهُ أَوْ إسْمَاعُهُ إلَّا إذَا كَانَا قَاضِيَيْنِ بِبَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَنَادَيَا مِنْ طَرَفَيْ وِلَايَتِهِمَا فَذَلِكَ أَقْوَى مِنْ الشَّهَادَةِ فَيُعْتَمَدُ.

وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ: رَأَيْت فُقَهَاءَ طُلَيْطِلَةَ يُجِيزُونَ إخْبَارَ الْقَاضِي الْمُحْتَلِّ بِغَيْرِ بَلَدِهِ لِقَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي اُحْتُلَّ فِيهِ وَيَنْفُذُ وَيَرَوْنَهُ كَمُخَاطَبَتِهِ إيَّاهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَيْسَ لِلْقَاضِي إذَا حَلَّ بِغَيْرِ عِمَالَتِهِ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ يَشْهَدَ عَلَى كِتَابِهِ أَوْ يَكْتُبَ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْقُضَاةِ. رَاجِعْ الْمُتَيْطِيَّ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ أَصْبَغَ وَابْنِ عَاتٍ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى (وَبِشَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا) فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ: لَا يَثْبُتُ كِتَابُ قَاضٍ لِلْقَاضِي فِي الزِّنَا إلَّا بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ عَلَى أَنَّهُ كِتَابُهُ.

ابْنُ رُشْدٍ: عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ، وَأَمَّا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِمَا كِتَابُ الْقَاضِي اتِّفَاقًا.

(وَاعْتَمَدَا عَلَيْهَا وَإِنْ خَالَفَا كِتَابَهُ وَنُدِبَ خَتْمُهُ) ابْنُ شَاسٍ: يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي إذَا أَشْهَدَ عَلَى كِتَابِهِ وَخَاتَمِهِ أَنْ يَكْتُبَ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ مَخْتُومٍ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الشَّهَادَةِ، فَلَوْ شَهِدَا بِخِلَافِ مَا فِي الْكِتَابِ جَازَ إذَا طَابَقَ الدَّعْوَى.

(وَلَمْ يُفِدْ وَحْدَهُ) ابْنُ شَاسٍ: الْكِتَابُ الْمُجَرَّدُ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ عَلَى الْقَاضِي لَا أَثَرَ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ: مَذْهَبُ مَالِكٍ الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَجُوزُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ فِي كِتَابِ قَاضٍ إلَى قَاضٍ بِالْحُكْمِ. ابْنُ عَرَفَةَ: ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْقَاضِي أَقْوَى مِنْ ثُبُوتِهِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْبَيِّنَةِ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى الْقَاضِي، لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْقَاضِي مِمَّا لَهُ تَوَقُّفٌ عَلَى مُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فَقَطْ، وَثُبُوتُهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْبَيِّنَةِ مِمَّا لَهُ تَوَقُّفُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ مَعَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْقَاضِي، وَمَا تَوَقَّفَ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ فَقَطْ أَقْوَى مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مَعَ غَيْرِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ: اتَّفَقَ أَهْلُ عَصْرِنَا عَلَى قَبُولِ كُتُبِ الْقُضَاةِ فِي الْأَحْكَامِ وَالْحُقُوقِ بِمُجَرَّدِ مَعْرِفَةِ خَطِّ الْقَاضِي، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ فِيمَا أَظُنُّ عَلَى صَرْفِهِمْ عَنْهُ انْتَهَى. رَاجِعْ أَنْتَ الْمُطَوَّلَاتِ فِي هَذَا كُلِّهِ، فَإِنَّمَا قَصْدِي أَنْ أُشِيرَ إلَى بَعْضِ مَا قِيلَ تَنْشِيطًا لِمُرَاجَعَةِ الْفِقْهِ فِي أَمَاكِنِهِ، وَلِابْنِ عَاصِمٍ فِي أُرْجُوزَتِهِ: وَالْعَمَلُ الْيَوْمَ عَلَى قَبُولِ مَا خَاطَبَهُ قَاضٍ بِمِثْلِ " اعْلَمَا " قَالَ ابْنُهُ: تَقْيِيدُ الْعَمَلِ بِالْيَوْمِ يُؤْذِنُ بِخِلَافِ ذَلِكَ قَبْلُ وَذَلِكَ صَحِيحٌ فَقَدْ كَانَ الْعَمَلُ بِاسْتِصْحَابِ شَاهِدَيْ عَدْلٍ كِتَابَ الْقَاضِي إلَى الْمَكْتُوبِ بَعْدَ أَنْ كَانَ الْعَمَلُ قَبْلَ ذَلِكَ بِالِاكْتِفَاءِ بِالْكِتَابِ الْمَخْتُومِ.

(وَأَدَّيَا وَإِنْ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>