حَلَفَ الطَّالِبُ وَاسْتَحَقَّ. وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: امْرَأَةٌ كَتَبَ إلَيْهَا زَوْجُهَا بِطَلَاقِهَا فَشَهِدَ عَلَى خَطِّهِ رَجُلَانِ أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهَا. اهـ.
نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الصَّوَابُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهَا عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْحُكْمِ لَهَا بِطَلَاقِهَا إذَا شَهِدَ عَلَى خَطِّهِ عَدْلَانِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْخَطُّ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ مِثْلُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى رَجُلٍ يُعْلِمُهُ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ لِزَوْجَتِهِ بِذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ إنَّمَا هُوَ بِطَلَاقِهِ إيَّاهَا ابْتِدَاءً، فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ كَتَبَهُ مُجْمِعًا عَلَى الطَّلَاقِ.
(وَخَطِّ شَاهِدٍ مَاتَ أَوْ غَابَ) الْبَاجِيُّ: مَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكٍ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ. رَوَاهُ مُحَمَّدٌ. لِأَنَّ غَايَةَ خَطِّهِ أَنَّهُ كَلَفْظِهِ وَهُوَ لَوْ سَمِعَهُ يَنُصُّ شَهَادَتَهُ لَمْ يَنْقُلْهَا عَنْهُ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إجَازَتَهَا. وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ لِغَيْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ صَحِيحَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْأُمَّهَاتِ الْمَشْهُورَةِ قَوْلُ مَالِكٍ فِي إجَازَتِهَا وَإِعْمَالِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: فَطَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمَشْهُورَ إعْمَالُهَا خِلَافُ قَوْلِ الْبَاجِيِّ لَا تَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ (بِبُعْدٍ) اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْغَيْبَةِ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ عِنْدَ مُجِيزِهَا، فَقَالَ سَحْنُونَ: الْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ وَلَمْ يَحُدَّ قَدْرَهَا.
وَقَالَ أَصْبَغُ: مِثْلُ إفْرِيقِيَّةَ مِنْ مِصْرَ وَمَكَّةَ مِنْ الْعِرَاقِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: حَدُّ ذَلِكَ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ (وَإِنْ بِغَيْرِ مَالٍ فِيهِمَا إنْ عَرَفْتَهُ) ابْنُ رُشْدٍ: الَّذِي أَقُولُ بِهِ أَنَّ مَعْنَى مَا رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَجُوزُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ فِي طَلَاقٍ وَلَا عَتَاقٍ وَلَا حَدٍّ وَلَا نِكَاحٍ لِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى خَطِّ الرَّجُلِ أَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ نَكَحَ، بَلْ هِيَ جَائِزَةٌ عَلَى خَطِّهِ بِذَلِكَ كَمَا تَجُوزُ عَلَى خَطِّهِ بِالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ. وَمِنْ الْمُفِيدِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَارِثٍ: جَرَى الْعَمَلُ مِنْ الْقُضَاةِ بِبَلَدِنَا يَعْنِي قُرْطُبَةَ بِإِجَازَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ، وَلَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَرَّقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فِي الْأَحْبَاسِ وَغَيْرِهَا فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ.
وَلَقَدْ شَهِدْت ابْنَ أَبِي عِيسَى قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ يَحْكُمُ بِإِجَازَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى خُطُوطِ الشُّهُودِ الْمَوْتَى فِي صَدَقَاتِ النِّسَاءِ، وَمِنْ الْأَحْكَامِ لِلْبَاجِيِّ: لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ إلَّا فِي الْمَالِ فَقَطْ وَحَتَّى يَكُونَ ذُو الْخَطِّ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ وَتُعْرَفُ مَعْرِفَتُهُ بِمَنْ كَتَبَ عَلَيْهِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ خَطَّ الشَّاهِدِ. وَأَمَّا خَطُّ الْمُقِرِّ عَلَى نَفْسِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ.
وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ: أَكْثَرُ مَا يَجْرِي الْعَمَلُ بِإِجَازَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فِي الْأَحْبَاسِ الْقَدِيمَةِ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ لَا تَجُوزَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا فَإِنَّ شَهَادَةَ الْأَحْيَاءِ رُبَّمَا دَخَلَتْهَا الدَّاخِلَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute