ابْنِ عَاصِمٍ: لَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا. وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ يَشْهَدُ (وَجَازَتْ بِسَمَاعٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَقَبٌ لَمْ يُصَدَّقْ الشَّاهِدُ فِيهَا بِإِسْنَادِ شَهَادَتِهِ لِسَمَاعٍ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَتَخْرُجُ شَهَادَةُ الْبِنْتِ وَالنَّقْلِ.
التُّونِسِيُّ: شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَا يُسْتَخْرَجُ بِهَا شَيْءٌ مِنْ يَدِ حَائِزٍ وَإِنَّمَا تَصِحُّ لِلْحَائِزِ الْكَافِي مِثْلُ ذَلِكَ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ تُعْرَفُ بِهِ وَبِآبَائِهِ قَبْلَهُ فَيَأْتِي رَجُلٌ مِمَّنْ يَشْهَدُ لَهُ أَنَّهَا مِلْكُهُ قَدِيمًا فَيَأْتِي الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ بِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ عَلَى السَّمَاعِ الْفَاشِي أَنَّا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ بِانْتِقَالِ مِلْكِهَا إلَى الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْقَائِمِ أَوْ مِنْ آبَائِهِ، فَهَذِهِ شَهَادَةٌ تُوجِبُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الدَّارَ لِلَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ دُونَ الَّذِي شُهِدَ لَهُ أَنَّهَا مِلْكُهُ قَدِيمًا، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ الْفَاشِي لِلْمُدَّعِي الطَّالِبِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ حَائِزًا لَهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي مِلْكِ الدَّارِ فِي خَمْسِ سِنِينَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّمَا تَجُوزُ فِيمَا أَتَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِيمَا أَدْرَكْتُ وَأَفْتَى بِهِ شُيُوخُنَا فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَقَارًا بِيَدِ غَيْرِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ صَارَ إلَيْهِ مِنْ مُوَرِّثِهِ عَنْهُ، أَنَّ الْمَطْلُوبَ لَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى يُثْبِتَ الطَّالِبُ مَوْتَ مَوْرُوثِهِ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ وَرِثَ ذَلِكَ الْعَقَارَ عَنْهُ وَوِرَاثَتُهُ لَهُ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَقَفَ الْمَطْلُوبُ حِينَئِذٍ عَلَى الْإِقْرَارِ وَلَمْ يُسْأَلْ مِنْ أَيْنَ صَارَ لَهُ، فَإِنْ أَنْكَرَ وَقَالَ الْمِلْكُ مِلْكِي اُكْتُفِيَ مِنْهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَكُلِّفَ الطَّالِبُ إثْبَاتَ الْمِلْكِ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ وَرِثَهُ عَنْهُ وَإِثْبَاتَ مَوْتِهِ وَوِرَاثَتِهِ لَهُ، فَإِنْ أَثْبُتَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَجِبُ مِنْ صِحَّةِ شُرُوطِهِ سُئِلَ الْمَطْلُوبُ حِينَئِذٍ مِنْ أَيْنَ صَارَ إلَيْهِ وَكُلِّفَ الْجَوَابَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ ادَّعَوْا أَنَّهُ صَارَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مَوْرُوثِ الطَّالِبِ الَّذِي ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ لَمْ يَثْبُتْ إلَيْهِ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ صَارَ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ مَوْرُوثِ الطَّالِبِ بِوَجْهٍ يَذْكُرُهُ كُلِّفَ إثْبَاتَ ذَلِكَ، فَإِنْ أَثْبَتَهُ وَعَجَزَ الطَّالِبُ عَنْ الْمَدْفَعِ فِي ذَلِكَ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ قُضِيَ عَلَيْهِ لِلطَّالِبِ. هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ أَحْفَظُهُ انْتَهَى.
وَلِشَيْخِ الشُّيُوخِ ابْنِ لُبٍّ فِي رَجُلٍ وَهَبَ أَحَدَ أَوْلَادِهِ فَدَّانًا ثُمَّ مَاتَ وَقَامَ أَخُو الْمَوْهُوبِ لَهُ بِكَفَالَةِ أَخِيهِ وَصَارَ يَجْعَلُ الْغُبَارَ فِي قِطْعَةٍ مِنْ الْفَدَّانِ إلَى أَنْ قَامَ وَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى وَرَثَةِ الْأَخِ، وَقَالُوا الْقِطْعَةُ مِنْ حَرِيمِ فَدَّانِنَا لَا يُقْبَلُ هَذَا مِنْهُمْ إذْ رُبَّمَا فَوَّتَ عَلَى الْمَحْجُورِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ، وَعُقُودُ الْأُصُولِ بِالْبُيُوعِ وَالْهِبَاتِ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute